تبدو تصريحات رئيس وزراء حكومة الاحتلال نفتالي بينت، أكثر تطرفا وحدة من سابقاتها نحو التوجه الأمريكي لفتح قنصلية في القدس المحتلة، خاصة أنها جاءت بعد مصادقة الكنيست الإسرائيلي على ميزانية الدولة للعام 2022.
اللافت أن بينت بدا أكثر صخبا من ذي قبل، ويشعر بحالة من الغرور بعد نجاح الكنيست في المصادقة على ميزانية الدولة، وتبدد المخاوف من إمكانية فشله وسقوط حكومته، وهو ما دفعه لتعزيز توجهات حكومته المتطرفة نحو تشريع البؤر الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وجدد بينيت موقف حكومته عقب نجاح الائتلاف الحكومي بالمصادقة على الميزانية، الرافض لإعادة افتتاح القنصلية الأميركية في القدس المحتلة، فيما أكد أن حكومته تعتزم شرعنة البؤرة الاستيطانية "إفياتار"، والالتزام بالاتفاق الموقع مع المستوطنين بإنشاء البؤرة الاستيطانية المقامة على جبل صبيح قرب نابلس بالضفة الغربية.
وردا على سؤال للصحافيين بشأن تعامل واشنطن مع موقف حكومة بينيت بشأن القنصلية الأميركية المخصصة لخدمة الفلسطينيين، قال بينيت "نحن لا نتفق مع إدارة الرئيس الأميركي جو بادين، في كل شيء، ونعي جديا كيف ندير الخلافات عند الضرورة، ولا نبحث عن الدراما والشجار والخلافات مع واشنطن".
ما سبق يدفع للتساؤل حول تبعات هذا الحديث على العلاقة الأمريكية الإسرائيلية من ناحية، وعلى عملية التسوية من ناحية أخرى، خاصة وأن إدارة بايدن ترفض إقامة وتشريع البؤر الاستيطانية على أراضي الضفة والقدس حرصا على دفع التسوية.
لهجة جديدة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أنها تصريحات مكررة لكن هذه المرة اللهجة كانت أكثر حسما وحدية، بمعنى أن هناك رفض قاطع لإقامة القنصلية الأمريكية في القدس.
ويوضح عوكل في حديثه لـ "الرسالة" أن بينت معروف للجميع أنه صاحب أعلى درجات التطرف، لكن وبعد تمرير الموازنة أصبح يشعر بأن حكومته راسخة مستقرة ولذلك رفع مستوى التحدي بالنسبة للفلسطينيين والامريكان، ورغم ذلك لا يريد الاصطدام مع الأمريكان.
ويبين أن هناك العديد من نقاط الخلاف مع الإدارة الأمريكية كموضوع إيران وشرعنة الاستيطان، فيما تأتي هذه التصريحات لتشكل استفزازا وصفعة لإدارة بايدن، ولكن في النهاية الولايات المتحدة لا تفرط بعلاقاتها مع "إسرائيل" وتعتبرها واحدة من الثوابت على مدار جميع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
وتوقع عوكل أن هذا التوتر لن يصل حد الخلاف والقطيعة أو تغيير في السياسة كون أن أمريكا في النهاية تخضع للسياسة الإسرائيلية ولا يمكن التعويل عليها كثيرا.
وحول تأثير ذلك على مشروع التسوية، أشار إلى أنها متعطلة منذ سنوات ولن يتم احداث أي اختراق فيها خلال ولاية بينت أو من يتبعه أو حتى من سبقه.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف مع سابقه، مبينا أنه من البداية أمريكا أعلنت أن إقامة قنصليتها في القدس لا بد أن يمر عبر البوابة الصهيونية وهو ما دفع بينت للحديث عن رفضه لإقامتها.
ويضيف الصواف في حديثه لـ "الرسالة" أن الادرة الامريكية لن تخالف الموقف الصهيوني، مرجحا عدم إقامتها على المدى القريب فيما لن يحدث ذلك خلافا بين الجانبين الا في الأمور الشكلية.
وأكد أن ما تحدث به بينت ليس غريبا كون أن الكيان استيطاني وسيدعم إقامة المستوطنات في كل مكان على اعتبار أنه جزء من تثبيت أركانه وإلا سيجد ثورة عارمة داخل المجتمع الصهيوني.
وأشار إلى أننا يجب أن نعي أن هذا الكيان استيطاني ومقاومته بكل قوة، فيما يقف العرب والمجتمع الدولي الذي يعتبر الاستيطان عقبة أمام السلام المزعوم مكتوفي الايدي ويدعمون الاستيطان لدى الاحتلال.