لم يعد يقوى والد الشهيد طارق الكفارنة على تسديد الأقساط البنكية وإعطاء الكفلاء حقهم، بعدما قطعت السلطة راتب ابنه الشهيد كحال العشرات من أسر الشهداء والأسرى، الأمر الذي انعكس على أوضاعهم المادية، فاضطر الأب "سهيل" الإعلان عبر صفحة الفيسبوك أن بيته معروض للبيع.
الحكاية بدأت حينما تعرض بيت "أبو طارق" في 2014 للقصف في العدوان الأخير على قطاع غزة، مما اضطر والد الشهيد إلى اخذ قرضا من البنك لإعادة البناء، وحصل على الموافقة، لكن الأمر تأزم في الشهور الأخيرة حينما بدأ الكفلاء بتهديده كون البنك يسحب من رواتبهم ولا يستطيع التسديد لهم.
يقول الكفارنة "للرسالة" أنه لا يستطيع تسديد الديون وأصبح في ضائقة مالية رغم أنه موظف في وزارة الصحة وراتبه بالكاد يكفيه لسد رمق أفراد عائلته المكونة من عشرة أفراد.
وذكر أنه مديون بمبلغ 30 ألف دولار، وراتبه الذي يتقاضه في الوقت الحالي 1200 شيكل، في حين كان يسدد أقساط البنك من راتب ابنه الشهيد بحوالي 300 دولار شهريا.
وكان ابنه الشهيد "طارق" - 26 سنة - استشهد في سبتمبر 2012 جراء قصف إسرائيلي استهدفه أثناء عمله مسعفا لأحد الجرحى آنذاك.
وبحسب الأب، فقد تواصل مع مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى دون أي رد، ولم تعيره اهتمام أي من الجهات الرسمية سوى وسائل الاعلام التي نقلت اعلان بيعه لبيته.
وتقدم الكفارنة بطلب للبنك لتأجيل الخصم عن الكفلاء حتى يتسنى له بيع منزله وسداد الديون، إلا أن الأخير رفض كونه ليس موظفا لدى السلطة، لأن راتب الشهداء من السلطة الفلسطينية.
وبحسب والد الشهيد، فإن رواتب الشهداء والأسرى من المسلمات ولا يجوز المساس فيها، ولا علاقة لهم بالتوتر السياسي، مؤكدا أن حقهم في الراتب مكفوله بقانون شرعته السلطة التي تحرمهم منه اليوم.
ومنذ فبراير الماضي قطعت السلطة رواتب نحو 3 آلاف عائلة من عوائل الشهداء والجرحى والأسرى المحررين وكذلك الأسرى داخل السجون، مما فاقم معاناة ذوي الشهداء والأسرى، في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي يعيشها قطاع غزة.
وفرضت السلطة الفلسطينية خلال تولي حكومة رامي الحمد الله عقوبات على غزة في إبريل 2017، وفي ذات الشهر من عام 2018، أبرزها، خصم 50% من رواتب موظفي السلطة، وقطع مخصصات الآلاف من أهالي الشهداء والجرحى والأسرى، وإحالة آلاف الموظفين للتقاعد المبكر الإجباري، والتضييق على الحسابات البنكية للجمعيات الخيرية، وتقليص التحويلات الطبية.
وأكد علاء البراوي المتحدث باسم اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء، على رفضهم سياسة "الفحص الأمني" التي اتبعتها السلطة الفلسطينية من أجل قطع مخصصات نحو 2700 عائلة شهيد وجريح.
وقال البراوي:"لا يجوز في أي مكان بالعالم معاملة مناضلي القضية الفلسطينية بهذه الطريقة، وللأسف تم قطع المخصصات المالية بحجج واهية".
وأوضح أن اللجنة حتى اللحظة لم تتلق توضيحًا من مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى كونها أغلقت منذ اللحظة الأولى لقطع المخصصات.
وشدد على ضرورة التزام وزارة المالية التابعة لرام الله بما هو معمول به منذ العام 1965 من نشأة منظمة التحرير الفلسطينية، والتي انبثق عنها مؤسسة الشهداء والجرحى لتلبية احتياجات كل من تضرر من الاحتلال، كما يجب عليهم الوفاء لدماء الشهداء الذين ارتقوا من أجل بقاء القضية حاضرة.