قائمة الموقع

مكتوب: الشهيد "النجار" رصاصة غادرة قتلته على باب بيته

2018-11-12T07:18:00+02:00
الشهيد النجار
الرسالة نت - رشا فرحات

قصته مختلفة ربما، فهو لم يشارك في مسيرات، ولم يذهب ليقطع سلكا حدوديا، هو في بيته، الذي شاءت الأقدار أن يكون قريبا من الحدود، في حارة النجار في خانيونس المعروفة لمن حولها.

هناك عشرات البيوت القريبة من مرمى النار، يمكنها ببساطة أن تُقذف بحمم الاحتلال، ويسقط من يسقط من شهداء وجرحى، حتى لو كانوا نائمين على أسرتهم!

أحمد النجار من قرية خزاعة، قريب جدا، بل ملاصق للحدود، لم يبتعد كثيرا، كان أمام باب بيته حينما أصيب قبل أربعة عشر يوما من استشهاده، شرب الشاي مع أمه وقال لها سأخرج!

ما أن وصل إلى باب البيت حتى وصلت الرصاصة في ذات الموعد، لتصيب رأسه، وتودعه أمه بعد أربعة عشر يوما من الإصابة، توفي في الخليل، حيث تم تحويله فور اصابته لاستكمال العلاج، أو البحث عن فرصة للنجاة! لكنها لم تتحقق.

ذهبت معه جدته السبعينية، وحدها! لأن قوانين العالم الذي تقوده (إسرائيل) تسمح لها بالتحكم في حياة وأوجاع ومشاعر أسرة كاملة، هنا أم وأب مكلومان على ابن مصاب لا يعي شيئا، يرقد في مستشفى بالخليل بعيد عنهم، لا يستطيعون احتضانه، أو الإمساك بكفيه لطبع قبلة ربما يشعر بها رغم غيبوبته، وربما يسمعانه كلمات تزيد من ثباته وصموده، لكن، لا يسمح لك، لأن عدوك لا يعرف الرحمة، يقتلك برصاصة، ثم يدعي أنه أرسلك إلى مستشفيات الداخل للعلاج، ثم يتلذذ بابتكار طريقة أخرى للإجهاز عليك!

أم أحمد كانت تجهز بيت ابنها لتزوجه الشهر المقبل، وكانت تعد الأيام والليال لتفرح، ولكنه آثر الرحيل هناك على سرير بارد دون أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بين يديها، جدته بصحبته، شاهدا وحيدا على الوجع، تتلفت حولها فلا تجد من يمسح دمعة فراق حفيدها.

ثم وصل أحمد إلى غزة نهاية الأسبوع الماضي، محمولا على الأكتاف، ليزف عريسا إلى حضن أمه.

ونثرت نساء الحي الورود على سريره في استقباله، سرير جديد وخزانة جديدة وأحلام كثيرة كان أحمد يسطرها مع خطيبته فتحية، للشهر المقبل، حيث تبقى على موعد زفافهما شهر.

وجلست الأم تزف ابنها على الأرض فور دخول جثمانه، وتردد أهازيجها من حرقة القلب، وتكفكف دمع أخواته، وتنثر الرياحين، وتقول لشاشات المصورين: ابني عريس، سأزفه هذا الشهر.

هذه صورة واحدة من صور المعاناة التي تعيشها حارة النجار في خزاعة لقربها من الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، وبين الحين والآخر تقدِّم شهيدا تلو الشهيد، أو جريحا، وتجرف بيوتها القريبة من الحدود.

 ويذكر أن العائلة قدمت عشرين شهيدا في الحرب الأخيرة على القطاع، بالإضافة إلى استشهاد الممرضة الشابة رزان النجار المسعفة التي كانت تؤدي دورها الإنساني في مسيرات العودة، لكنه الاحتلال الذي يغتالنا بكل إرهاب، ثم يتهمنا بالإرهاب!

اخبار ذات صلة