الأزمة المالية للسلطة تعزز مؤشرات انهيارها في الضفة الغربية

الأزمة المالية للسلطة تعزز مؤشرات انهيارها في الضفة الغربية
الأزمة المالية للسلطة تعزز مؤشرات انهيارها في الضفة الغربية

الرسالة نت - شيماء مرزوق

أدت الحكومة الجديدة لـ "السلطة الفلسطينية" برئاسة رئيس الحكومة محمد إشتية اليمين الدستورية وسط أكثر الأزمات المالية والسياسية للسلطة، وقد أدى المشهد المالي المتداعي والقدرة المتدهورة على الحكم اللذان تواجههما هذه الحكومة إلى أزمة شرعية محلية وبروز مخاوف لدى الجهات المانحة، ما يعطي إنذارات قوية حول حالة الاستقرار للسلطة في الضفة الغربية.

مؤشرات الانهيار دفعت البنك الدولي إلى التحذير والقول إن الاقتصاد الفلسطيني يواجه الآن صدمة حادة على صعيد المالية العامة بسبب أزمة المقاصة مع (إسرائيل)، داعيًا إلى حل الأزمة على وجه السرعة.

جاء ذلك في تقرير أعده البنك الدولي الأربعاء، ومن المقرر أن يقدمه إلى لجنة تنسيق المساعدات للشعب الفلسطيني في اجتماعها المقبل في بروكسل، في الـ30 من نيسان الجاري.

ونقل التقرير عن القائمة بأعمال المدير الممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة ومديرة شؤون الاستراتيجية والعمليات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آنا بيردي، قولها "إن الاقتصاد الذي لم يشهد نموا حقيقيا في عام 2018 يواجه الآن صدمة حادة على صعيد المالية العامة بسبب الأزمة بشأن تحويلات إيرادات المقاصة".

وقال التقرير "في ظل تناقص تدفقات المعونات شهدت الآونة الأخيرة نزاعا بسبب قيام (إسرائيل) من جانب واحد باقتطاع 138 مليون دولار من إيرادات المقاصة المستحقة للسلطة الوطنية الفلسطينية في عام 2019، وهو ما يعادل المخصصات والرواتب التي يُقدَّر أن السلطة تدفعها لعائلات الشهداء والمعتقلين الفلسطينيين".

وحسب البنك فإن هذا يعادل إيرادات المقاصة التي تجبيها (إسرائيل) لصالح الفلسطينيين ويتم تحويلها شهرياً إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، وفي مواجهة هذا الوضع رفضت السلطة تسلُم تحويلات الإيرادات التي تم تقليصها، واضطرت إلى خفض فاتورة الأجور بنسبة 30%، وتقليل الإنفاق على المساعدات الاجتماعية، وزيادة الاقتراض من البنوك المحلية، وإذا لم تتم تسوية هذه الأزمة، فستزيد الفجوة التمويلية من 400 مليون دولار في عام 2018 إلى أكثر من مليار دولار في 2019".

وتعود أسباب تفاقم الأزمة المالية إلى اقتطاع (إسرائيل) في شباط/فبراير 138 مليون دولار سنويّاً، أو 11.5 مليون دولار شهريّاً (حوالي 6٪ من عائدات الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية)، استنكاراً لمدفوعات "السلطة الفلسطينية" إلى عائلات السجناء و"الشهداء" - وهي ممارسة رفضَ عبّاس التفاوض بشأنها. وردّاً على ذلك، رفضت "السلطة الفلسطينية" قبول القِسْم المتبقي من عملية التحويل طالما تستمر (إسرائيل) في اقتطاع أيٍ منها. ووفقاً لبعض التقارير، أدى ذلك إلى اعتماد "السلطة الفلسطينية" تدابير تقشفية صارمة، بما فيها دفع رواتب جزئية فقط لموظفي الحكومة في شهريْ آذار/مارس ونيسان/أبريل.

وبحسب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى يحدّ عاملان أساسيان من قدرة واشنطن على تحسين الوضع في الضفة الغربية وهما: قرارها الخاص بتعليق المساعدات للفلسطينيين، وقرار "السلطة الفلسطينية" بقطع كافة الاتصالات مع الإدارة الأمريكية.

ويضيف المعهد أنه على الرغم من عدم التشابه تماماً، يذكّر هذا الوضع بالعلاقات الأمريكية-الفلسطينية خلال الولاية الأولى للرئيس جورج دبليو بوش، حين أدّى نداء الولايات المتحدة بالإصلاح وتجديد القيادة الفلسطينية إلى قطع العلاقات الثنائية. وبما أن واشنطن لم تكن تتفاعل كثيراً بشكلٍ مباشر مع "السلطة الفلسطينية" في ذلك الوقت، فقد عملت من خلال نظام المانحين الدوليين من أجل تحقيق الأهداف الأمريكية.

وعبر العمل مع الجهات الفاعلة الرئيسية مثل "البنك الدولي" والبلدان الأوروبية والدول العربية و"لجنة الاتصال المخصصة" - التي تنسّق مساعدة المانحين لـ"السلطة الفلسطينية" - نجحت إدارة بوش في إدراج مطالب الإصلاح في "السلطة الفلسطينية" كميّزة أساسية لمشاركة المانحين مع السلطة، فلم يبقَ أمامها سوى خيار الشروع بجهود الإصلاح.

لقد حددت إدارة ترامب السلام الإسرائيلي-الفلسطيني كهدفٍ يجب تحقيقه عبر الإطلاق الوشيك لخطة سلام أمريكية. وقد يؤدي الإخفاق في مواجهة التحديات المالية وتحديات الحوكمة العاجلة التي تواجه "السلطة الفلسطينية" إلى جعل الهدف الأمريكي الأكبر موضع جدال.

البث المباشر