لا تزال الإدارة الأمريكية ترفع من سقف ضغوطها على الفلسطينيين، قبيل نشر صفقة القرن بعد أقل من شهرين، وفقا لتصريحات المسؤولين الأمريكيين، من خلال إنهاء عمل عشرات العاملين في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "USAID" في الأراضي الفلسطينية.
وفي تفاصيل القرار، قالت الوكالة في بيان لها إنها "تستعد لتسريح معظم العاملين التابعين لها في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكنها لا تعتزم وقف نشاطها في المنطقتين بالكامل".
وأضاف البيان أنه سوف يتم تقليص عدد الموظفين المحليين، ومعظمهم من الفلسطينيين والعرب الإسرائيليين، وبعض الإسرائيليين اليهود، من حوالي 100 موظف إلى 14.
ويشار إلى أن هذه الخطوة أتت بعد عدة قرارات متعاقبة للإدارة الأمريكية، تقضي بوقف الدعم المالي عن الفلسطينيين، بما فيه المقدم لصالح وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وكذلك المقدم لسلطة حركة فتح في رام الله.
وبدأت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في يناير 2018 مراجعة لجميع المساعدات الموجهة إلى الفلسطينيين، وفي يوليو من نفس العام قالت إنها "ستعيد توجيه جميع أموال السنة المالية 2017 إلى دول أخرى"، وتواصل إدارة ترمب الاحتفاظ بأموال السنة المالية 2018 في انتظار نتائج المراجعة.
وتسعى الإدارة الأمريكية من خلال هذه القرارات للضغط على الفلسطينيين، لتقديم تنازلات على طريق صفقة القرن، التي من المقرر نشرها خلال شهر رمضان أو بعد انقضائه.
وتساهم سلطة حركة فتح في مساعي الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا لفرض صفقة القرن، من خلال سلسلة القرارات التي اتخذتها على مدار العامين الماضيين، خصوصا فيما يتعلق بفرض العقوبات على قطاع غزةـ، والابتعاد عن التوافق الوطني في كل القرارات الصادرة عنها.
وكان مسؤول أمريكي قال في بداية شهر فبراير (شباط) 2019، إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أوقفت جميع مساعداتها للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، فيما يرتبط القرار بقانون أمريكي جديد يجعل المستفيدين من المساعدات الخارجية أكثر عرضة لدعاوى قضائية متعلقة بمكافحة الإرهاب.
وبموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي أقره الكونجرس، يمكن لأمريكيين إقامة دعاوى قضائية على أجانب يتلقون مساعدات أمريكية أمام محاكم الولايات المتحدة بزعم تواطؤهم في "أعمال حرب"، ما دفع السلطة إلى عدم تلقي المزيد من التمويل الأمريكي خشية تعرضها لمخاطر قانونية، رغم أنها تنفي اتهامات إسرائيلية بأنها تشجع هجمات مسلحة.
وقال جيسون غرينبلات مبعوث الرئيس دونالد ترمب للشرق الأوسط، إن وقف المساعدات جاء بطلب من السلطة الفلسطينية، مضيفا في تغريدة على تويتر "تم قطع هذه المساعدات بناء على طلب السلطة الفلسطينية لأنها لم تكن ترغب في الخضوع للمحاكم الأمريكية التي ستطلب منها دفع أموال لمواطنين أمريكيين قتلهم إرهابيون فلسطينيون عند إدانة السلطة الفلسطينية".
وقال المسؤول الأمريكي لرويترز "أوقفنا بناء على طلب من السلطة الفلسطينية مشروعات وبرامج معينة كان يجري تمويلها عن طريق المساعدات في الضفة الغربية وغزة وذلك بموجب الصلاحيات المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب".
ولم يتضح إلى متى سيستمر وقف المساعدات. وقال المسؤول إنه لا توجد حاليا خطوات لإغلاق بعثة الوكالة في الأراضي الفلسطينية، ولم يُتخذ قرار بشأن تعيين موظفين في المستقبل في بعثتها بالسفارة الأمريكية في القدس.
والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية هي الجهة الرئيسية التي تدير المساعدات الخارجية الأمريكية في الأراضي الفلسطينية. وقد أنفقت، بحسب موقعها الإلكتروني، 268 مليون دولار على مشروعات عامة في الضفة الغربية وغزة وأيضا على سداد دين القطاع الخاص الفلسطيني في عام 2017، لكن كان هناك خفض كبير في كل التمويلات الجديدة حتى نهاية يونيو حزيران 2018.
وفي التعقيب على ذلك، قال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس "وقف وكالة التنمية الأمريكية للمساعدات التي كانت تقدم لشعبنا والتي كانت تشمل قطاعات مهمة مثل الصحة والتعليم سيكون لها انعكاس سلبي على الجميع وسوف تخلق أجواء سلبية وتزيد من حالة عدم الاستقرار".
وفي وقت لاحق، دعا 6 من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي إلى استئناف تقديم المساعدات المالية للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما ذكر السيناتور الديمقراطي من كاليفورنيا، ديان فاينشتاين، في بيان صحفي، أن رفض الرئيس ترمب تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني هو خطأ تكتيكي كبير.
وأضاف فاينشتاين: "إن موقف تمويل المياه النظيفة والرعاية الصحية والتعليم في الضفة الغربية وقطاع غزة لن يجعلنا أكثر أمانًا، بل سوف يغذي الجماعات المتطرفة مثل حماس ويبقي السلام بعيد المنال".
وفي التعقيب على ذلك، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح عبد الستار قاسم إن الإدارة الأمريكية ا
تخذت قرارا يقضي بإنهاء الدعم بكل انواعه للفلسطينيين، بغض النظر عن الجهة المستلمة، أو المنفذة للمشاريع، بما فيها الوكالة الأمريكية للتنمية، التي تختص في الجوانب الإنسانية والحياتية للمواطنين.
وأضاف قاسم في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن الإدارة الأمريكية تستغل كل أدواتها في سبيل الضغط على الفلسطينيين في إطار تجهيز المنطقة لفرض الصفقة التي يجري الحديث عنها، في حين أن بعض الأطراف الفلسطينية باتت تساهم في إضعاف الجبهة الفلسطينية في مواجهة الصفقة بقصد أو بدونه.