حذرت الاجهزة الامنية الاسرائيلية نتنياهو من اربعة أزمات قد تفجر الاوضاع في المنطقة، وتقود لمواجهة واسعة مما يعني بالنسبة لنتنياهو ان احتمالات إعادة انتخابه في خطر و هي الاحداث على حدود قطاع غزة و باب الرحمة في القدس و اضراب الاسرى الامنيين و الازمة الاقتصادية للسلطة الوطنية الفلسطينية، لكنه فضل ان يعالج ثلاثة أزمات منها و ترك الرابعة دون علاج حتى اللحظة، فلماذا حل بعضها وان مؤقتا و جزئيا و ما هي احتمالات حل الرابعة ؟
سمح نتنياهو لاعتبارات الايدلوجيا والمناكفات الحزبية الداخلية التحكم في موقف حكومته من قضية سرقة أموال الضرائب الفلسطينية لسبب دفع رواتب الاسرى والشهداء الفلسطينيين من خلال اقراره في الكابينت أواسط شهر فبراير الماضي، وهو الامر الذي ادى لرفض الرئيس ابو مازن استلام كافة الاموال مما قلص رواتب الموظفين بنسبة 50% ،وقد فعل ذلك نتنياهو على الرغم من تحذيرات اجهزة أمنه بأن الامر قد يؤثر سلبا على التعاون والتنسيق الامني ،بل يؤدي الى انهيار السلطة وهو أمر يمس بمصالح اسرائيل الجوهرية.
وفي المقابل رفض نتنياهو و بشكل لافت كل الدعوات الايديولوجية والسياسية من قبل حزب اليمين الجديد الهالك وحزب ليبرمان ، وأوساط واسعة في حزب الليكود ضرورة التشدد في الردود العسكرية اتجاه قطاع غزة وفي الموقف من باب الرحمة وقد اضطر لإقالة وزيره المقرب اردان، وتنحية رئيس مصلحة السجون من متابعة موضوع اضراب الاسرى الامنيين الاخير فيما يبدو كخضوع آخر لما يسمونه اسرائيليا " ارهاب حماس و المقاومة في غزة و السجون " فما الداعي لذلك؟
من السهل اتهام الاحتلال الغاشم بكل مشاكل الشعب الفلسطيني المضطهد، ولا شك بان الاحتلال هو جذر واساس هذه المشاكل الا ان الواضح ان اجابة او ردود فعل الشعب الفلسطيني ومقاومته هي امر حاسم في سياسة المحتل برئاسة نتنياهو فحيث ما يتاكد هذا المحتل ان رد المقاومة سيكلفه ثمناً باهظاً يتراجع وينسحب اما حين يقدر ويعتقد بان ثمن سياساته هو ثمن محدود ومستوعب سيستمر بل سيبالغ.
من الواضح ان نتنياهو لم يعبأ بتصريحات بعض قادة السلطة المحذرة من اثر سرقة أموال الفلسطينيين و العقوبات الامريكية المالية على التنسيق الامني وعلى مستقبل السلطة، معتمدا فيما يبدو على تأكيدات السيد ابو مازن المستمرة بان التنسيق الامني هو مصلحة وطنية فلسطينية عليا، وفق رأيه ،و بأنه مقدس لن يتم المساس به، لذا استمر نتنياهو في سياسة سرقة الاموال، ومن غير المتوقع ان يتراجع عن هذه السياسة إلا اذا ادرك ان خطر وقف التنسيق الامني وتراجع سيطرة السلطة على الضفة على المحك.
وهنا تكمن معضلة قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية ، فان استمر موقفها الحالي من التنسيق الأمني استمرت أزمتها الاقتصادية ،و التي ستحرص اسرائيل الى ابقائها في الحد الادنى الذي لا يوصلها للإنهيار، وان ارادت اظهار جدية وخطورة الموقف بتراجع التعاون الامني، فهي تخاطر بفقدان اضافي للسيطرة والدخول في مسارات مجهولة العقبات بالنسبة اليها و لسياساتها.
ما هو الحل اذن ؟
يقضي الضمير و الوجدان و العقل الوطني الفلسطيني بالتوجه نحو المصالحة والشراكة الوطنية و توحيد كل جهود الشعب الفلسطيني لمواجهة سياسات الاحتلال العدوانية اتجاهه ، أما العناد والاصرار على الموقف الحالي فلن يؤدي بالسلطة و لا بالشعب الا الى مزيد من المشاكل .