عادت حركة فتح بشكل مفاجئ للحديث عن ملف المصالحة مع حركة حماس، بزيارة وفد قيادي منها إلى العاصمة المصرية القاهرة، بعد أيام من تشكيل حكومة انفصالية في رام الله، لتحل مكان حكومة الحمد الله، ما يشير إلى رغبة فتحاوية بالمناورة مجددا في ملف المصالحة.
وجاء الحراك الفتحاوي في طريق المصالحة عبر الوسيط المصري، في الوقت الذي أنهى فيه رئيس سلطة حركة فتح إحكام السيطرة على مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، بعيدا عن الحضور الوطني لفصائل وازنة بحجم حركة حماس والجهاد والجبهتين الشعبية والديموقراطية.
ويبدو واضحا أن المبادرة الفتحاوية التي قدمت للوسيط المصري، من شأنها أن تعيد العبث الفتحاوي في ملف المصالحة مجددا دون أي اعتبار للمصلحة الوطنية العليا، إذ تستدعي حركة فتح هذا الملف وفقا لمصالحها، وتعزل نفسها عنه حين تنتهي المصلحة المرادة منه، كما جرى على مدار السنوات الماضية.
وفي التفاصيل، كشف القيادي في حركة فتح، عبد الله عبد الله، عن تقديم وفد اللجنة المركزية لفتح بقيادة عزام الأحمد، الذي توجه للقاهرة، مبادرة إلى الوسطاء المصريين بشأن تفعيل المصالحة الفلسطينية.
وقال عبد الله في تصريحات صحفية إن وفد حركته طلب من مصر تسليم المبادرة لحماس خلال 24 ساعة، مضيفا أن المبادرة تتضمن استكمال تنفيذ اتفاق 2017 وصولاً إلى انتخابات تشريعية "ينتج منها تشكيل حكومة وحدة تعطي كل فصيل حجمه الذي حصل عليه في صندوق الاقتراع".
وأضاف عبد الله: "نأمل أن تكون المبادرة الخطوة الأخيرة، فالوقت لا يسمح بأي تلكؤ... الجانب المصري يستشعر الخطر على القضية، ونحن أخذنا المبادرة على عاتقنا".
من جهته، قالت حركة حماس على لسان فوزي برهوم المتحدث باسمها، إن ما تروج له قيادات في حركة فتح حول موضوع المصالحة وتقديم أوراق بالخصوص لا يعدو كونه محاولات للمراوغة والاستهلاك الإعلامي فقط وللتغطية على خطوات فتح ورئيسها محمود عباس "الانفصالية" وجريمة إجراءاته الانتقامية ضد أهلنا في قطاع غزة. وفق قوله.
وأضاف إن التدهور الخطير الحاصل في الحالة الفلسطينية بسبب هذه الإجراءات ليس بحاجة إلى مزيد من الأوراق لإهدار الوقت وإشغال الرأي العام بها، بل بحاجة إلى إنهاء هذه الإجراءات فورا، والتزام حركة فتح بمبدأ الشراكة، والبدء بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اللقاءات السابقة وفي مقدمتها اتفاق القاهرة ٢٠١١ وتفاهمات بيروت ٢٠١٧.
وجاءت زيارة وفد حركة فتح إلى القاهرة قبيل أيام من وصول من أبو مازن للمشاركة في الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء خارجية العرب في القاهرة لمناقشة الأزمة المالية للسلطة، في حين يجري الحديث عن استعداد وفد من حركة حماس لزيارة القاهرة للتباحث مع المسؤولين المصريين في أعقاب المبادرة الفتحاوية.
وفي التعقيب على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب إن انهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية لا يحتاج لمبادرات وأوراق جديدة، وإنما لإرادة وطنية صادقة تتمثل بالجلوس على طاولة الحوار ووضع آليات تنفيذ الاتفاقيات السابقة لا سيما اتفاق القاهرة 2011 واتفاق بيروت 2017.
وأضاف الغريب في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن مثل هذه التصريحات والحديث عن تقديم ورقة هو لذر الرماد في العيون، ومحاولة لاستمرار التنصل من كل الاتفاقيات التي وقعت مع حركة حماس خلال السنوات الماضية، وكغطاء لاستمرار العقوبات المفروضة على قطاع غزة منذ مارس 2017.
وفي نهاية المطاف، يبدو أن حركة فتح بحاجة إلى مظلة التوافق الوطني مرة أخرى لتمرير قضية ما، خصوصا في ظل الضغوط الأمريكية على السلطة، فيما يتعلق بالملف المالي، الذي تحاول السلطة مواجهته بتحصيل شبكة أمان عربية.