جاء قرار الحكومة القطرية بتخصيص 480 مليون دولار، 300 مليون منها لدعم قطاعي الصحة والتعليم في السلطة الوطنية و180 مليون لدعم القطاعات الإنسانية والإغاثية في قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء جولة التصعيد الأخيرة على قطاع غزة والتي امتدت ليومين سقط خلالها 29 شهيدا فلسطينيا وأربعة قتلى من جانب الاحتلال.
القرار جاء مفاجئا ويبدو أنه لم يكن بعيداً عن مجريات الأحداث في الساحة الفلسطينية سواء على صعيد الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية او الازمة في قطاع غزة.
الخبير الاقتصادي عمر شعبان قال إن قرار قطر ليس عاديا وله دوفع وتداعيات سياسية، موضحاً أن القرار جمع للمرة الاولى بين دعم السلطة الوطنية الفلسطينية ودعم غزة في الوقت ذاته، وذلك بعد زيارة لوفد من وزيري المالية والشئون المدنية إلى الدوحة بما يعني أن الدعم القطري لغزة منسق ومبارك من السلطة الوطنية الفلسطينية.
وقال شعبان عبر صفحته على الفيس بوك "هي المرة الاولى التي تساهم فيها قطر في موازنة السلطة بهذا المبلغ الضخم وهذا شيء غير عادي".
ولفت إلى أنه مع هذا القرار يصبح التمويل القطري غير منحاز وخال من الحساسية، وسيعزز من دور قطر في المرحلة المقبلة ويجعلها مقبولة في رام الله كما في غزة، كما سيعزز بهذه الطريقة بالتأكيد من قدرة قطر، إن رغبت في التوسط بين طرفي الانقسام، فهو يجعل من قطر لاعبا على المستوى الفلسطيني وليس على صعيد غزة وحماس فقط.
وقال: "قطر التي نجحت في جمع السلطة وحماس في برنامج تمويلي واحد، قد يكون لديها القدرة على جمعهما أيضا على طاولة واحدة".
ويبدو أن قطر أرادت من خلال قرارها جمع غزة والضفة في برنامج تمويلي واحد وفي هذا التوقيت تحديدا لتحقيق عدة أهداف أهمها، سد الفجوة التمويلية التي خلفها خصم (إسرائيل) مبلغ 140 مليون دولار من المقاصة، والتي أدخلت السلطة في مأزق مالي كبير، وفي ذات الوقت تمرير الأموال المساعدات لقطاع غزة عن طريق السلطة كمخرج للانتقادات اللاذعة التي كانت تتعرض لها قطر نتيجة ادخال الأموال لغزة مباشرة.
وفي المقابل لا يمكن تجاهل التحذيرات الأمنية (الإسرائيلية) التي تصاعدت في الأسابيع الأخيرة وحذرت من إمكانية انهيار السلطة جراء أزمتها المالية، والتي قد تكون الأموال القطرية محاولة لمنع هذا الانهيار ولا يمكن ان تتم دون موافقة أمريكية إسرائيلية.
من ناحية أخرى كشف مسؤولون فلسطينيون لصحيفة "هآرتس" العبرية عن انهم فوجئوا من حجم المساعدات المالية التي وعدت قطر الثلاثاء، بتحويلها إلى السلطة وقطاع غزة، والتي تبلغ 480 مليون دولار.
وقالوا في رام الله للصحيفة إن قرار طلب المساعدة من قطر هو تغيير في النهج من جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي تربطه علاقات أوثق مع المملكة العربية السعودية.
وفي تصريحات للصحيفة قال مسؤول فلسطيني كبير إن مساعدات بهذا الحجم، والتي لها آثار سياسية، لا يمكن أن تتم بدون ضوء أخضر من البيت الأبيض - أو على الأقل بغض الطرف، بهدف منع انهيار السلطة الفلسطينية.
وقالت مصادر مقربة من عباس إنه لم يكن لديه أي خيار سوى اللجوء إلى قطر، في ضوء الأزمة الحادة التي تواجهها السلطة الفلسطينية، التي تنبه الدول العربية وتناشدها منذ شهر تقريبًا، دون أن تتلقى أي رد". وقال المسؤول الكبير: "على الرغم من أن قطر تعتبر لاعبة ثانوية في منطقة الشرق الأوسط، إلا أنها لاعبة ثرية يمكن أن تساعد في الأزمة".
ووفقًا لمصدر فلسطيني مطلع على التفاصيل، فإن السلطة الفلسطينية، كانت حتى الأسبوع الماضي تشعر بالإحباط لأن جامعة الدول العربية لم تستجب بعد للطلبات المتعلقة بتنفيذ القرارات المتعلقة بتوفير شبكة أمان اقتصادي للسلطة الفلسطينية، لذلك قرر أبو مازن إرسال وفد من كبار المسؤولين برئاسة شركائه، وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ ووزير المالية شكري بشارة إلى الدوحة، للقاء عدد من كبار المسؤولين، بقيادة أمير قطر، تميم بن حمد.
وفقًا لرئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، سيتم تحويل 50 مليون دولار من المساعدات القطرية إلى السلطة الفلسطينية كمنحة. وسيتم صرف 250 مليون دولار أخرى كقرض على أقساط تبلغ قيمة كل منها 21 مليون دولار، بينما سيتم تحويل 180 مليون دولار أخرى إلى غزة لتنفيذ مشاريع بإشراف صندوق النقد القطري.