تتضاعف الأجور في شهر رمضان وتزداد العبادات فيحرص المسلمين على استثماره خير استثمار فهو ضيف يأتي مرة في العام وللعشر الأواخر منه الفضل الأكبر، فكان النبي (صلى الله عليه وسلم)، كما روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها، إذا جاءت العشر الأواخر يشد مئزره، ويوقظ أهله، ويقوم ليله. حيث كان النبي يقوم في هذه العشر بأعمال لا يقم بها بقية الشهر.
يقول الدكتور جمال الهوبي رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن :"للعشر الأواخر الثواب الكبير حيث أنها تشتمل على سنة اعتكاف العشر الأواخر وهي سنة مؤكدة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "، ان العشر الأواخر تشتمل ليلة القدر المباركة والعبادة فيها "لا أقول ألف شهر بل خير و أفضل من ألف شهر".
ويؤكد أنه على المسلم استثمار العشر الأواخر في الاعتكاف وقراءة القران وفي الدعاء خاصة للوالدين ولنفسه ولأرحامه وللأمة، وأن يحافظ على صلاة الجماعة في المسجد، وأيضا بإحياء ليلة القدر المباركة، حيث يقول –صلى الله عليه وسلم- :"التمسوها في الوتر من العشر الأواخر".
وأرشدنا رسولنا الكريم إلى التحري الدقيق لهذه الليلة والتي تكون في العشر الأواخر من رمضان، فيها يفرق كل أمر حكيم، أي يكتب لكل الناس الأحياء والأموات والهالكون والناجون والأعزاء والأذلاء والسعداء والأشقياء، وكل ما يرد الله عزوجل في السنة القادمة بعدها.
وأوضح الهوبي أنه على المعتكفين كثرة ذكر الله في هذه الأيام الفضيلة –سبحانه وتعالى- يقول –صلى الله عليه وسلم- "لا يزال لسانك رطبا بذكر الله" ويقول النبي –صلى الله عليهم سلم:" أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعمَالِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ."
وتصادف هذه الأيام انشغال البعض مثل المرابط والمجاهد أو المسافر أو طالب العلم أو من لديه عمل مصدر رزق فهؤلاء يقومون بما عليهم كالمعتاد ويعتكفون بالليل و يقومون بقضاء مصالحهم في النهار .
وفي ما يلي بعض النقاط لكيف تقضي العشر الأواخر من رمضان: إحياء الليل بصلاة القيام وقراءة القرآن، و أن يوقظ الرجل أهله كما كان يفعل النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولا يقصر عمل الخير على نفسه بل يشارك أهله فيه، و اعتزال النساء والانشغال بالطاعة والعبادة، لتتخلص النفس البشرية من الشهوات، وذلك يتيح للنفس أن تصفو في أجواء ملائكية خاشعة، و الاعتكاف بالمسجد، وهذا ما ينبغي الحرص عليه كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، و قراءة القرآن الكريم وتلاوته بتدبر وخشوع ، ويستحب في العشر الأواخر وخاصة ليلة القدر الدعاء، فعندما سئلت عائشة النبي عما تقول في ليلة القدر، فقال لها: (قولي اللهم إنك عفوٌ كريمٌ تُحبُ العفوَ فاعفُ عني)، و الصدقات ودفع الزكاة، كثرة الطاعات، الندم والتوبة والاستغفار عن الذنوب والمعاصي، و أن يكثر الإنسان من الدعاء ويتخير أفضل الدعاء وأجمعه، و بذل الخير وصلة الأرحام، والإحسان إلى الفقراء والمساكين.