الرسالة نت - عبد الحميد حمدونة
لن يصلي "مازن" كعادته صلاة عيد الفطر ويأتي إلى والديه ويُقبّل يديهما ويعطي أمه "أغلى عدية"، فمازن ووالده استشهدا في حرب الفرقان ولم يعد هناك من يرسم البسمة على وجه الأم وبناتها العشرة.
"أم مازن" ترثي حالها على فقدان أحبتها، وتكلمت أخيرا بعد دموع سالت من عيون طالما بكت على فراق الأخلاء، وقالت بكلمات متقطعات :" فرحتي بالعيد ناقصة لأنني أفتقد زوجي سعيد أبو مطر وابني الكبير مازن الذي استشهدا بتاريخ العاشر من يناير2009، وأيضا الصغير إسماعيل الذي انتقل إلى عليين في اجتياح منطقة العطاطرة شمال غرب غزة 6- 7-2006.
فراغ كبير
وأضافت: جميعنا نكابر أننا نعيش العيد كما الآخرين لا سيما عندما يسألني "معاذ" هل سيأتي بابا هذا العيد عندنا كما في الماضي، معبرة عن حزنها الشديد على أبناء ولدها أكثر من حزنها على زوجها وابنها اللذان قضيا في آن واحد، ووصفت أبناء الشهيد بذوي القلب المكسور، منوهة إلى أنها لا تسمح لأحد بالصراخ في وجوههم حبا في أبيهم البار.
وتابعت: الفراغ الذي تركوه كبير جدا، فالعيد بدونهم ليس له طعم أو رونق"، وبوثوق الرجال لفتت الأم الصابرة إلى أن الله تعالى هو حسبهم بعد فقدانهم للمعيل الأول.
وأوضحت أم مازن أن الشهيد والداعية "مازن" لم يتقاعس يوماً عن الرباط والدعوة للجهاد، فقد صدق الله فصدقة الله ونال ما تمني ولحق بأخيه إسماعيل الذي استشهد قبله بأعوام.
وأردفت بالقول:" زوجي عانى من أمراض عدة وقد أراحه الله بالشهادة وأسأل الله أن يجمعني بهم في الفردوس الأعلى".
وتذكرت ما كان يقوم به زوجها استعدادًا للعيد حينما كان يشتري مستلزمات الحلويات، ويساعدها في تحضير كعك العيد الذي بات لا طعمَ له منذ استشهاده.
أما "محمد" شقيق الشهيد مازن فقد عبر بحروف الوجع عن مشاعر الحزن التي تسيطر على قلبه، قائلا: "دموعنا لا تجف(..) مذاق الطعام في رمضان وغيره لا نشعر به، فمازن ووالدي وأخي في عداد الشهداء، وأتمنى أن يكونوا بيننا ولكن قدر الله وما شاء فعل!".
يشار إلى أن صاروخا أطلق من طائرة صهيونية صبيحة يوم العاشر من يونيو-2009 صوب منزل عائلة أبو مطر والتي تقطن في حي الشيخ رضوان وسط غزة، أدى إلى استشهاد أبو مازن وابنه الكبير مازن، وأصيب المنزل بأضرار فوق المتوسطة ناهيك عن إصابة معظم أفراد العائلة بجروح.
الأعياد تجديد للأحزان
أما زوجة الشهيد مازن والتي ترعى ولدا وابنتين، فتقول: " مع كل مناسبة تتجدد مآسينا، ومأساة أهالي الشهداء الفلسطينيين، مضيفة: السعادة فارفت وجوهنا منذ استشهاد زوجي ، مستدركة: ولكني أحاول بكل إمكانياتي التواصل مع الحياة .
وتابعت: الأعياد في غزة هي بمثابة تجديد للأحزان لاسيما مع استمرار الحصار الذي دمر كل وجوه الحياة فيها"، منوهاً إلى أن صاحب الألم هو من يشعر بآلام الآخرين، فاستشهاد مواطن في الضفة المحتلة يشعرني تماماً كأن زوجي استشهد قبل قليل وليس منذ عامين ".
من جهته اعتبر "أبو أشرف" شقيق أبو مازن بأن العيد ورمضان ذكريات تشعره بفقدان أخيه وابن أخيه خاصة وأن عادات منزلهم تغيرت كلياً، فقبل استشهادهم كانوا يذهبون سويا إلى بيوت الأقارب كي يهنئوهم بقدوم العيد، أما اليوم فلا.
وفي هذا الصدد قالت زوجه الشهيد مازن :" كل عيد أذهب مع زوجي-رحمه الله لأهنئ أهلي وأقاربي بقدومه، لكني اليوم أجلس في البيت لاستقبل كل أفراد عائلتي والذين يأتوا إلينا كأول بيت في العائلة، وأرى عيونهم نظرات الشفقة والتي مباشرة تنقلني إلى حزن متجدد لا يفارقني منذ استشهاد زوجي الغالي".
ومع كل هذا الحزن والألم، أجواء الحزن في العيد لن تقتصر على عائلة أبو مطر، فهناك آلاف العائلات الفلسطينية التي فقدت أكثر من حبيب، ولكنهم صابرون صامدون في أرضهم ولن يرحلوا عنها حتى تحرير وطنهم المسلوب من الاحتلال.