نشر موقع "01 نيت" الفرنسي تقريرا تحدث فيه عن مجهودات الباحثين في تحديد مجموعة من التقنيات الجديدة على غرار التعلّم عبر الإشراف الذاتي، التي من شأنها أن تحقق قفزة نوعية في مجال الذكاء الاصطناعي ليضاهي أكثر فأكثر الذكاء البشري.
وقال الموقع، إن الذكاء الاصطناعي قد حقّق تقدما هائلا على مدى السنوات العشر الماضية. وفي الحقيقة، أحرز التعلم الآلي العميق القائم على شبكات عصبونية متعددة الطبقات تقدما ملحوظا فيما يتعلق بالتعرف على الصور، كما حقق التعليم المعزز نجاحا باهرا في عالم الألعاب. ومع ذلك، بدأت أوجه القصور لدى هذه التقنيات في الظهور.
وتجدر الإشارة إلى أن التعلم العميق يقوم على توفّر كميات هائلة من البيانات المُصنّفة. لذلك، بإمكان تعدّد المستشعرات توليد العديد من البيانات بالنسبة لبعض المشاكل.
وأشار الموقع إلى أنه توجد بعض الحالات التي تكون فيها البيانات نادرة أو صعبة التوليد. من جهة أخرى، في حال توفّرت البيانات بكثرة، تصبح عملية التصنيف معقدة وغالبا ما يضطر الجميع إلى إنجازها يدويا.
وفي هذا الشأن، قالت المديرة المشاركة لمختبرات فيسبوك البحثية في مجال الذكاء الاصطناعي، جويل بينو، خلال مؤتمر في باريس: "لا يمكننا تحويل سكاننا إلى وسيلة لتصنيف البيانات لفائدة الآلات".
في المقابل، يعاني التعليم المعزز أيضا من العديد من مواطن الضعف. وفي سبيل تحقيق نتائج جيدة، تتطلب هذه التقنية التطبيق المتكرر لمبدأ التجربة والخطأ.
وفي سياق متصل، أضاف كبير علماء فيسبوك، يان لو كون: "يُبيّن عمل جوجل ديب مايند على لعبة ستار كرافت أن الوصول إلى مستوى لاعب بشري يستغرق حوالي 200 سنة. ويبدو أنه من الممكن تسريع هذه العمليات الحسابية بالنسبة للعبة فيديو. أما عندما يتعلق الأمر بالتطبيقات على أرض الواقع، على غرار الروبوتات، فيصبح ذلك مستحيلا"، وهو ما دفع الباحث الفرنسي إلى تقديم اعتذاراته بشأن مبدأ التعلّم عبر الإشراف الذاتي لمدة خمس سنوات تقريبًا.
وأفاد الموقع بأنه وفقا لكون، يعد هذا المبدأ قادرا على قيادة قطاع تكنولوجيا المعلومات، لاسيما موقع فيسبوك، نحو "ثورة الذكاء الاصطناعي" القادمة. وتتمثّل الفكرة في أخذ كميات هائلة من البيانات وإخفاء جزء منها لتتولى خوارزمية التعلم عبر الإشراف الذاتي مهمة تحليل الجزء المرئي واستنتاج الجزء المخفي. ونتيجة لذلك، ستقوم هذه التقنية بإنجاز التصنيف بنفسها، ما يتيح لها إتمام عملية التعلّم.
وذكر أن هذه التقنية حققت بالفعل بعض النجاحات في مجال اللغات. فمن خلال تحليل سياق الكلمات في النصوص، أضحى من الممكن تحويل مجموعة لغوية إلى حقل اتجاهي. عندئذ، يصبح من السهل ربط هذه الحقول الاتجاهية ببعضها البعض بقطع النظر عن اللغات الأساسية التي تستند إليها. بعد ذلك، يمكن للفرد الاستفادة من خدمة الترجمة بين لغتين دون الحاجة إلى الاعتماد على النصوص المترجمة، وهو ما يعتبر أمرا مفيد لاسيما بالنسبة للغات النادرة. علاوة على ذلك، تساعد هذه الحقول الاتجاهية على التنبؤ بالكلمات وهي ميزة مفيدة للغاية لمحرري النصوص.
ونوّه الموقع بأنه في الوقت الحالي، يحاول باحثو فيسبوك تطبيق تقنية التعلّم عبر الإشراف الذاتي في مجالات أخرى على غرار التعرف على الكلام أو التعرف على الصور. ولا يعتبر باحثو فيسبوك الوحيدين الذين يبذلون جهدا في دراسة التعلم عبر الإشراف الذاتي، إذ تواصل غوغل وعمالقة التكنولوجيا الآخرين البحث في هذه التقنية، ما يمثّل خطوة مهمة نحو تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي. وتدريجيا، تقترب هذه التكنولوجيا من طريقة تعلّم تضاهي الطريقة البشرية والتي تعتمد بشكل كبير على عامل الملاحظة.
وأشار إلى أن الطريق نحو تطوير التعلم عبر الإشراف الذاتي بشكل مثالي، لا زال طويلا. وتفيد الإحصائيات بأن النظم القائمة على كل من التعلّم بالإشراف أو عبر الاشراف الذاتي أو التعليم المعزّز لا زالت تفتقر إلى مبدأ السببية الذي من شأنه أن يسمح لهم باستنتاج الحقائق.