قائمة الموقع

هل تغلق لعنة (غولدستون) باب الحوار الفلسطيني؟

2009-10-07T23:32:00+02:00
موسى أبو مرزوق يمينا وأحمد قريع يسارا خلال مؤتمر صحفي

فصائل فلسطينية: الخطيئة سممت أجواء الحوار

محللون: شكوك حول تحقيق المصالحة في موعدها

غزة- فادي الحسني

أثارت أزمة مطالبة السلطة بتأجيل مناقشة تقرير "غولدستون" شكوكا حول استمرار الحوار الوطني الذي من المقرر أن يتوج باتفاق مصالحة في السادس والعشرين من الشهر الحالي.

وفي وقت لوحت فيه حركة حماس بعدم الذهاب إلى الحوار نظراً لتسميم أجواءه، طالبت حركتي فتح والجهاد الإسلامي بضرورة المضي قدما في عملية المصالحة لتجنب مزيداً من الانقسام.

إلا أن محللين سياسيين استبعدوا إحراز اتفاق بين الفرقاء الفلسطينيين في ظل توتر العلاقات القائم، مع أنهم قالوا "إن حركة حماس ستستثمر "الخطيئة" خلال الحوار لتسجيل أهداف في مرمى الطرف الآخر والضغط عليه.

بعيد عن المصالحة

وأعقب التصريحات النارية الصادرة عن الفصائل الفلسطينية والتي حملت في طياتها تهديدات بعدم مواصلة الحوار، إعلان وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أن اتفاق المصالحة الفلسطينية سيجري توقيعه في القاهرة في السادس والعشرين من أكتوبر الجاري.

لكن حركة حماس التي وصفت مطالبة السلطة برام الله، تأجيل مناقشة التقرير بـ"الخطيئة التي سممت أجواء الحوار"، قالت "إن ما جرى دليل على أن الرئيس عباس وفريقه بعيدين كل البعد عن لغة التصالح".

وجاء على لسان المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم أن موقف السلطة من تقرير غولدستون، "قربها من مربع الاحتلال"، مؤكدا أن نوايا الرئيس عباس لم تكن صادقة بخصوص الحوار.

""

وأضاف برهوم لـ"الرسالة نت" أن تأجيل التقرير لا ينم عن نوايا صادقة باتجاه الحوار الفلسطيني، لافتا أن عباس يقف الآن في مواجهة الشعب الفلسطيني والمنظومة الإقليمية التي تعاطفت مع الشعب.

ومن أجل إنجاح المصالحة الوطنية، يرى برهوم أنه من الواجب قطع الطريق التي يسلكها عباس، قائلا: "ما جرى عرى عباس بالكامل أمام المنطقة برمتها، وسيحكم عليه الجميع من خلال سلوكه المشين وجريمته بحق الشعب  الفلسطيني".

وأوضح المتحدث باسم حماس أن حركته لم تبلغ بموعد اتفاق المصالحة الذي قيل إن القاهرة ستعقده في السادس والعشرين من الشهر الجاري، مشيراً إلى أن مصر لديها رؤية في تحديد التوقيت، إلا أن حماس لم تبلغ به".

وكان من المقرر أن تغادر وفود الفصائل إلى القاهرة في الثامن عشر من أكتوبر الجاري على أن تبدأ الحوارات مع الفصائل في التاسع عشر من نفس الشهر، تمهيدا للتوقيع على اتفاق المصالحة.

ضربة للكفاح

حركة فتح هي الأخرى ترى فيما جرى إرباكا وضربة للجهود الكفاحية، إلا أنها تطالب بضرورة المضي قدما في الحوار والسعي نحو تحقيق المصالحة الوطنية.

""

ويقول القيادي في فتح قدورة فارس لـ"الرسالة نت" "تأجيل تقرير غولدستون أمر خطير جداً، ويجب أن يستوقف الجميع، لكن استمرار الانقسام السياسي يجعل الحالة الفلسطينية أكثر عرضة لمزيد من التردي".

وأكد فارس أن اتفاق الوحدة الوطنية من شأنه أن يضبط إيقاع العمل الفلسطيني، مشيرا إلى  أن الحوار الوطني استهلك مدى زمنياً طويلاً، "ولذلك يجب أن يتوج باتفاق عما قريب".

ولفت إلى أن إحدى مبررات الأخطاء التي تقع بين الفترة والأخرى، هي الانقسام السياسي الحاصل على الساحة الفلسطينية منذ منتصف يونيو/ حزيران 2007.

وحاول رئيس حركة فتح محمود عباس، معالجة الموضوع من خلال الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق في قضية المطالبة بتأجيل مناقشة تقرير "غولدستون"، إلا أن قيادات في فتح هاجمته وحملته مسؤولية ما جرى.

وطالب القيادي في فتح نبيل عمرو، في تصريحات صحفية، عباس بالعودة إلى أرض الوطن لمعالجة الأزمة، محملا إياه مسؤولية ما جرى.

ويتفق القيادي في حركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام مع فارس، في قوله: "إن ما حصل أضر بنا وبقضيتنا ولكن من الضروري أن يتجاوز الفلسطينيون الأزمة الداخلية وأن ينهوا الانقسام"، مشيرا إلى أن التوافق الوطني "أفضل الحلول لتلافي ما حصل في جنيف".

وقال عزام لـ"الرسالة نت" : "التوافق هو الضمانة الوحيدة لمواجهة التحديات التي تعصف بنا"، متمنيا ألا يجري تأجيل الحوار الوطني، وأن يخرج الفلسطينيون في الأيام القادمة بتوافق من شأنه أن يسوي وضعهم الداخلي.

""

وتساءل: "إذا ما توقفت مساعي الحوار، فما هو البديل إذاً؟ (..) نحن نرى أن المسألة ستصبح أكثر مأساوية، ولهذا فإن الحوار أمر ضروري ومطلوب".

وفي إطار الجهود المبذولة لامتصاص الغضب العارم الذي دب في الوسط الفلسطيني والعربي كذلك، فإن مجلس الأمن الدولي التئم أمس الأربعاء لمناقشة طلب ليبي بعقد جلسة طارئة للمجلس لمناقشة تقرير غولدستون.

وقال مبعوث فيتنام الذي تترأس بلاده المجلس بشكل دوري هذا الشهر لوكالة "أسوشييتد برس" إنه وافق على عقد جلسة مغلقة.

محافظة على جهود

وبناء على ما قاله محللون سياسيون من غزة، فإن أجواء الحوار الفلسطيني قد سممت بفعل ما قامت به السلطة، متوقعين أن تحاول القاهرة المحافظة على جهود رأب الصدع بين الفلسطينيين، التي بذلتها منذ وقت سابق برعاية جامعة الدول العربية.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن أزمة "غولدستون" عمقت الشقوق وأحيت من جديد لغة التحريض، قائلا: "بتنا نسمع دعوات متعددة تطالب بتأجيل الحوار ومحاسبة الرئيس عباس".""

وأضاف عوكل لـ"الرسالة نت" بدأنا نشعر أن قرار التأجيل جاء انقلاباً على أجواء المصالحة الإيجابية (..) هناك شكوك بأن يحصل اتفاق بين الفصائل في السادس والعشرين من الشهر الحالي، كما قرر له سابقا".

ويقرأ عوكل في تصريحات وزير الخارجية المصري أبو الغيط، والتي قال فيها أن اتفاق المصالحة سيجري توقيعه في السادس والعشرين من الشهر الحالي، تنم عن أن مصر ستحاول الضغط على الأطراف من أجل الاستمرار في الحوار.

وعبر عن اعتقاده بأن يسهم انعقاد مجلس الأمن الدولي لمناقشة تقرير "غولدستون"- في مساعدة القاهرة في تهيئة الأجواء بين الفلسطينيين المنقسمين على أنفسهم.

وأكد المحلل السياسي أن موقف حركة فتح سيكون ضعيفا في الحوار، وأن حركة حماس ستستثمر خطيئة تأجيل تقرير "غولدستون" كورقة ضغط على حركة فتح.

وقال عوكل: "ستوظف حماس الخطيئة لتعديل بعض البنود وتحسين بعض النقاط لصالحها".

بيد أن أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية وليد المدلل، أكد أنه وفي كل الأحوال لا يمكن لمجلس الأمن أن يجرم إسرائيل في حربها على غزة، وأن مناقشة تقرير غولدستون لن تمثل سوى إحراجا لإسرائيل فقط.

""

وأشار المدلل لـ"الرسالة نت" إلى أن نتائج التقرير لن تنصف الفلسطينيين، "ولكن كان الأجدر عدم المطالبة بتأجيله بأي حال من الأحوال"، وقال: "تأثير تأجيله سيستغل في تسجيل الأهداف في مرمى الأخر".

وأوضح أن ما حصل سيزيد من حدة الانقسام في الشارع وسيؤدي إلى انضمام حالات جديدة للانقسام، وسينال من وحدة الشعب الفلسطيني ويبرزه للعالم منقسم على نفسه، واصفا إياه بـ"الفضيحة الكبيرة".

 

اخبار ذات صلة