ذكرتني جوخة الحارثي بالطيب صالح، في سرده البسيط أحيانا، والمعقد باللهجة المحلية أحيانا أخرى، ولأني لا أعرف شيئا عن سلطة عمان فقد أحببتها وجذبتني كثيرا، كما تجذبني كل الروايات الغارقة بالعادات والتقاليد وطقوس الحياة التي لا أعرفها مسبقا عن بيئة الرواية.
ولكني رأيت حياة النساء في السلطنة شبه عادية، في حقبة زمنية كنت أعتقد أن النساء فيها أقل تحصيلا لحقوقهن ! ولا أعرف ولم توضح لي الرواية ما هو واقع المرأة حقيقة الآن في سلطنة عمان، ولكنها تحدثت عن مجتمع يعمه الجهل والعادات البالية والخزعبلات والخرافات حتى أنه كان يشتري العبيد ويبيعهم حتى فترة قريبة، وقد كان للعبودية حيز كبير في سطور الرواية.
الراوي هو عبد الله ولد التاجر، الذي يعيش في قرية العوافي مسقط رأسه، حياة بسيطة لكنها حياة رخاء مقارنة بأترابه لأن والده هو التاجر الوحيد في البلدة، ثم يتزوج من " ميا" التي يلمحها مرة واحدة وهي منكبة على ماكينة خياطتها فتأسر قلبه، ثم يعيش معها حياة فيها من الرخاء الشيء الكثير، مقارنة بغيرهم من سكان القرية.
ثم ينتقلان للعيش في "مسكد" وهي العاصمة مسقط كما يناديها العمانيون ! فتتطور الحياة وتتغير الظروف بشكل سريع بسبب التطورات السياسية في المنطقة والاتفاقيات الدولية، حتى يصل التطور إلى واقع المرأة، والذي لم يكن واضحا كما ينبغي أن يكون أو كما تمنيته أن يكون، حتى أن الكاتبة تمر على حادثة اغتصاب مرور الكرام ! دون أن يكون لها هذا الضجيج الذي تستحقه والذي يعتبر حدثا مهما كان يمكن للكاتبة أن تعكس لنا واقع المرأة العمانية من خلاله !
، فلقد شعرت أن الكاتبة متحفظة بعض الشيء عن ذكر التفاصيل الدقية في واقع المرأة العمانية بين مرحلتين.
الرواية مليئة بالقصص الصغيرة داخل الرواية الكبيرة والشخصيات التي تزداد تدريجيا حتى أنه ليقفز أمامك في كل فصل شخصيات جديدة في الرواية وهذا ما شعرت أنه قد شتتني قليلا فهناك الكثير من الشخصيات ذات التفاصيل الجانبية التي لم يكن لوجودها أهمية!
لكن يبقى سؤال محير، كيف ترجمت هذه الرواية وحصلت ترجمتها على جائزة البوكر مان ؟!!
أجل كيف، وهي مليئة بكل هذه الكلمات باللهجة العمانية، كلمات صعبة وأمثال معقدة، حتى أنني كنت مضطرة لإعادة قراءتها عدة مرات حتى أفهم، وكنت أرى هذه العامية جزء مهم من كينونة الرواية ولا يمكن الاستغناء عنها.
ولقد صدرت رواية سيدات القمر منذ تسع سنوات ورغم حصولها على جائزة السلطان قابوس للأدب إلا أنها لم تلفت إلها الأنظار إلا حينما حصلت على جائزة البوكر مان الدولية وهي الرواية العربية الأولى التي تحصل على هذه الجائزة.
أما عن الكاتبة جوخة الحارثي فهي روائية وأكاديمية عمانية، حصلت على الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة أدنبرة، كتبت الرواية والقصة القصيرة، صدر لها منامات ورشحت روايتها «سيدات القمر» لجائزة الشيخ زايد للكتاب عام 2011، وشاركت في ورشة الخيال العربي التي تنظمها جائزة البوكر العربية عام 2011. .
وفي النهاية يمكنني أن أقول لكم وبشكل عام أن الرواية جميلة، واضافة نوعية إلى ثقافتي الأدبية التي كانت تخلو من الأدب العُماني ... أنصحكم بها