تزداد وتيرة الأوضاع في المسجد الأقصى توترا حيث شهد أمس الأحد ومنذ ساعات الصباح الأولى اقتحامات متزايدة من جهة باب المغاربة اقترفتها قطعان من المستوطنين بحراسة مشددة من قوات الاحتلال.
الاقتحام الموسع هو الرابع من نوعه منذ بداية شهر رمضان المبارك لاستفزاز المصلين حيث شهد الأمس أيضا اقتحامات من جهة باب السلسلة وصل عدد المقتحمين فيها إلى 222 مستوطنا.
وتأتي اقتحامات اليوم الواسعة مع دعوات لجماعات الهيكل المزعوم لأنصارها وجمهور المستوطنين لاستباحته تزامنا مع بدء أحد الأعياد اليهودية.
وكانت عصابات المستوطنين استأنفت اقتحاماتها للمسجد المبارك بعد إغلاقه بوجهها طيلة فترة عيد الفطر السعيد.
يُشار إلى أن مجموعات من غلاة المستوطنين مارست عربدتها الليلة قبل الماضية في القدس القديمة، وامتدت إلى عدد من أحياء بلدة سلوان جنوب الأقصى، خاصة التي تتواجد فيها بؤر استيطانية، مدعية أنها تمارس طقوسا تلمودية تخص اقتراب الأعياد اليهودية.
وحول ذلك علق الدكتور عدنان أبو عامر المختص بالشأن الإسرائيلي حيث قال: إن ما حصل في الأيام الأخيرة يذكرنا من جديد أن مسالة الحرم القدسي حساسة ومتفجرة، خاصة وأن الحكومة الإسرائيلية لا تقوم بما عليها لمنع الانفجار القادم، لأن من يحدد السياسة العامة للدولة شخص واحد ما زال منشغلا في الانتخابات أكثر من أي ملف آخر، وهو بنيامين نتنياهو.
ويضيف أبو عامر: ما زال الحرم القدسي يعدُّ صاعقا ذا فتيل قصير، وقد اندلعت أحداث الأيام الأخيرة في توقيت إشكالي غير متوقع بسبب أجندة العام، والفلسطينيون أحيوا يوم القدس العالمي للمسلمين، وهي مناسبات تذكرنا أن حبل الصاعق يقصر يوما بعد يوم.
وقد كان من الواضح أن سبب التوتر الأخير بالحرم القدسي يعود إلى سماح الشرطة الإسرائيلية لليهود باقتحامه، مع أنها في سنوات ماضية منعتهم من اقتحامه في شهر رمضان، خاصة في أيامه العشرة الأخيرة، لكنها سمحت لهم هذا العام، رغم الأحداث المزدحمة.
ويتوقع محللون أن تزيد وتيرة المواجهات والاقتحامات في الفترة القادمة خاصة أن الاقتحام الأخير في ليلة الثامن والعشرين من رمضان كان الأكبر مقارنة بغيره منذ سنوات حيث وصل عدد المقتحمين الى أكثر من 1000 مستوطن في ذكرى ما يسمى "يوم القدس" الذي تعول عليه جماعات "الهيكل" المعتقدين أن هذا الاقتحام سيحدد مصير اقتحاماتهم في هذه الذكرى لثلاث سنوات قادمة.
وفي مقابلة معه يرى الباحث محمد الجلاد المختص بقضايا القدس أن هذا التحضير كان منذ فترة وقد حذر منه حراك شباب القدس في شهر رمضان، لافتا إلى أنه يتوقع مزيدا من الاقتحامات المكثفة في الفترة القادمة لأن الاحتلال يسعى لفرض سياسة الأمر الواقع وتخصيص فترة الصباح الأولى من الساعة السابعة إلى ما قبل صلاة الظهر للمستوطنين وذلك ضمن خطة التقسيم الزمانية، لذلك فهو يفرض سياسة الأمر الواقع من خلال تثبيت الاقتحامات في هذا الوقت.
ويرى الدكتور جمال عمرو المختص بقضايا القدس في مقابلة مع الرسالة أن تزايد الاقتحامات للأقصى كان نتيجة الخذلان الذي يتعرض له أهالي القدس وما أسماه المناخ المحيط في القدس والذي يزداد فيه التطبيع يوما بعد يوم بموافقة وتبريكات السلطة، لافتا إلى أنه في ظل هذه الأوضاع ومواجهة المصلين ومنعهم يوميا من الصلاة واعتقال الموظفين في وزارة الأوقاف كل ذلك لا يبشر بخير.
ويرى عمرو أن مشروع الاحتلال منظم ويعرف طريقه، في ظل العشوائية والتشتت العربي، لذلك فهو ينسل تدريجيا ويطبق يوما بعد يوم على حساب الأقصى وأهالي القدس ويقول: حينما يكون الجميع معك سترتفع معنوياتك أكثر ولكن حينما يكون المناخ المحيط بك قد خذلك ستصاب باليأس ولكنه يرى في ذات اللحظة أن أهالي القدس يثبتون دائما أنهم أهل لحماية الأقصى، وربما شهدت الأيام المقبلة مواجهات موسعة تماشيا مع ازدياد الاقتحامات.