تعاني الأسيرات الفلسطينيات من واقع مؤلم داخل سجون الاحتلال يزداد وجعا إذا ما كانت الأسيرة صحافية أو كاتبة أو تعمل في احدى الوسائل الإعلامية، هنا تصبح المهمة أكثر ألما والوقوف في وجه السجان أكثر صعوبة لأن السجان يستهدف القلم والصوت والصورة في جسد الأسيرة، وقد كانت تجربة الأسيرة الصحافية إسراء لافي واحدة من هذه التجارب.
خرجت لافي قبل أيام حاملة الكثير من القصص التي تعكس واقع النساء المعتقلات في السجون اللواتي يعانين من ألم الاعتقال والتعذيب والبعد عن العائلة.
تقول الأسيرة في مقابلة معها: واقع الأسيرات مخيف جدا وقد حرصت عند دخول المعتقل على ألا أبكي ولا أضعف، ولكني عشت فصلا من فصول يوم القيامة في فترة الاستجواب والتحقيق، وكان العذاب يتكرر في كل مرة حينما تتعرض إحدى الأسيرات للاستجواب والتعذيب أو نسمع عن اعتقال إحداهن مجددا، وخاصة حينما عرفت بخبر اعتقال لمى خاطر، وفعلا أقول إننا كنا نعيش بعذاب.
المحررة لافي كاتبة وصحافية من سكان بلدة صوريف قضاء مدينة الخليل حيث يقول والدها: "إسراء كانت متفوقة منذ صغرها وكانت تحب الدراسة ولديها شغف تجاه أي إنجاز، تخرجت من جامعة البوليتكنك في الخليل تخصص هندسة الحاسوب ثم حصلت على درجة الماجستير من جامعة القدس- أبو ديس، وكانت تدرس في جامعة بيرزيت لتحصل على شهادة أخرى في الماجستير، حينما داهم الاحتلال منزلها واعتقلها قبل عشرة أشهر.
وتستعرض لافي آلام الاعتقال وتقول: كان أصعب موقف حينما وصل خبر استشهاد أشرف نعالوه حيث كانت أمه معتقلة معنا، كانت والدة أشرف قلقة وتشعر باقتراب استشهاده، وكيف ترددنا بإيصال الخبر لها حينما جاء خبر استشهاده وهو من المواقف التي لا تنسى.
يذكر أن عائلة إسراء عانت من الاعتقالات بتغييب والدها خضر لافي لسنوات، حيث اعتقل بين عامي ٢٠٠٤ و٢٠١٢ عدة مرات أمضى خلالها ستة أعوام ما بين سجني النقب وعوفر.
وإلى جانب دراسة الهندسة أصرت إسراء على العمل في المجال الإعلامي فعملت لدى فضائية القدس في إنتاج برنامج نسيم الأحرار، وعملت في فضائية الأقصى ومع جهات إعلامية عدة.
وتستذكر إسراء كيف تعامل المحققون مع الأسيرات وكيف عانت الأسيرات أثناء مطالبتهن برفع كاميرات المراقبة وتلفت إلى أهمية القلم في الدفاع عن الوطن وعن الحقوق، وترى أن اعتقالها كان على خلفية عملها الوطني وليس عملها الإعلامي، وتضيف: يجب على كل انسان أن يكون منصفا لقضيته ولا يسمح للمحتل بأن يكسر قلمه، ورسالتي لأي فلسطيني سواء كان مهندسا أو طبيبا أن يمسك قلمه ويعبر، مؤكدة أن الأسر يوحدنا ويلغي كل الخلافات.
يذكر أن الاحتلال لا يزال يعتقل في سجونه 20 صحافياً وإعلامياً محكومين بأحكام مختلفة، كما أن الاحتلال يتمادى في تجديد اعتقال عددٍ منهم عدة مرات تحت حجج واهية دون تهمة محددة.
ومن الملاحظ أن واقع النساء في الضفة الغربية لا يختلف عن الرجال من حيث الاعتقال، ففي إحصائية صدرت مؤخرا عن وحدة الدراسات بمركز أسرى فلسطين، كشفت أن الاحتلال الإسرائيلي نفذ (70) حالة اعتقال لنساء وفتيات خلال النصف الأول من العام الحالي.
وأوضح الناطق الإعلامي للمركز الباحث رياض الأشقر في تصريح صحفي أن الاحتلال يستهدف النساء والفتيات الفلسطينيات بالاعتقال والأحكام المرتفعة حتى دون استثناء القاصرات منهن، والمريضات وكبيرات السن، وذلك من أجل ردعهن عن المشاركة في المقاومة أو الكتابة والتعبير عن الرأي.
يذكر أن أعداد الأسيرات ارتفعت بداية العام الجاري ووصلت لأكثر من (60) أسيرة، نتيجة الاعتقالات المستمرة بحقهن، بينما أطلق سراح عدد منهن خلال الشهور الماضية انتهت محكومياتهن لينخفض العدد إلى (39) أسيرة يقبعن في سجن "الدامون"، بينهن (30) أسيرة يخضعن لأحكام مختلفة وأخرى تخضع للاعتقال الإداري.