أثار قرار وزارة العمل اللبنانية إغلاق محال عدد من الفلسطينيين بوصفهم أجانب، وتنظيم محاضر ضبط بالشركات التي تشغل العمال الأجانب بدون إجازات عمل، حفيظة اللاجئين الفلسطينيين بلبنان الذين اعتبروا القرار بمثابة قتل بطيء لهم.
ويرى مهتمون بشأن اللاجئين القرار مريبا في التوقيت حيث يتزامن مع الحديث عن صفقة القرن وتصفية قضية اللاجئين، معتبرين أن القرار جائر ويزيد من صعوبة أوضاع اللاجئين في لبنان المحرومين بالأساس من الكثير من حقوقهم.
وكانت وزارة العمل اللبنانية، قد أعطت مهلة لمدة شهر لتصويب أوضاع المؤسسات التي لديها "عمال غير شرعيين" أو "مخالفين" قانونيًا، وبعيد انتهائها، قامت بحملة نتج عنها إقفال (11) مؤسسة، يعمل فيها لاجئين فلسطينيين ونازحون سوريون ولبنانيون أيضا.
العشرات من الفلسطينيين اعتصموا أمام مكتب الصاعقة في مخيّم عين الحلوة تعبيراً عن رفضهم لما حصل، وأغلقوا الطرقات بالإطارات المشتعلة عند مداخل مخيمات عين الحلوة وبرج البراجنة والرشيدية والبداوي احتجاجاً على قرار وزارة العمل اللبنانية بحق العمال الفلسطينيين.
بدوره وبسبب الرفض الفلسطيني للقرار اتفق وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان وسفير فلسطين على منح اللاجئين الفلسطينيين من شهرين الى ستة أشهر لتسوية أوضاعهم ووقف أي إجراء بحقهم، إلا أن الفلسطينيين اعتبروا ذلك غير كاف في ظل فقدان الكثير من الحقوق الخاصة بهم.
وفي السياق قال علي هويدي مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" في لبنان إن قرار وزارة العمل اللبنانية بمثابة قتل بطيء للاجئ الفلسطيني في لبنان لأنه سيكرس البطالة في أوساط اللاجئين التي تجاوزت نسبتها قبل القرار 56%.
وأوضح أن القرار سيساهم في المزيد من التضييق على الفلسطيني للهجرة إلى خارج لبنان في ظل بيئة طاردة للوجود الفلسطيني هناك، مشيرا إلى أن القرار يعزز تلك البيئة ومزيد من الضغط يعزز البحث عن فرص غير متوفرة أصلا بالهجرة غير الشرعية.
وكان وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان أطلق حملة لمكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية في 10 يوليو الجاري، وتشمل الحملة إغلاق المحال التي تشغل عمالاً أجانب بشكل غير قانوني، وتنظيم محاضر ضبط بالشركات التي تشغل العمال الأجانب من دون إجازات عمل لهم.
ولفت هويدي إلى أن الفلسطيني سحق مع الكثير من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية كون الحكومة اللبنانية تطلب من اللاجئ ما تطلق عليه "إجازة عمل" بتكلفة ألف دولار، وحتى لو دفعها فلن يحصل على العمل الذي يريد، ولن يملك حق الضمان الاجتماعي كأي أجنبي آخر.
ووفق هويدي فإن ما يجري سيولد المزيد من الكره والاحتقان بين اللاجئ والسلطات الحاكمة، وهو ما سيلحق الضرر بالعلاقات اللبنانية الفلسطينية، في ظل ما يجري الحديث عنه عن صفقة القرن وكأنه يعزز رؤية التخلص من اللاجئين وحق العودة وهو ما لا ينسجم مع الرؤية الرسمية اللبنانية.
وذكر أنه يجب على الحكومة اللبنانية أن تتحمل المسؤولية وتضغط على الوزير لتحصيل حقوق الفلسطيني كاملة وليس التراجع عن القرار فحسب.
ويقول هويدي: لا يعقل أن تعامل الحكومة اللبنانية الفلسطيني بازدواجية فالقرار يحكم على الفلسطيني بأنه أجنبي وعندما يتعلق الأمر بحق التملك تعامله كلاجئ يمنع من التملك، مشددا على أن تلك الازدواجية غير مقبولة.
وبين أن الكثير من الأحزاب والقوى اللبنانية تتعاطف مع الفلسطيني وتصطف إلى جانبه ضد القرار وتحاول الضغط للتراجع عن القرار.
ويشدد على أن توقيت القرار مريب في ظل الحديث عن صفقة القرن والتخلص من قضية اللاجئين، مبينا أنه تزامن مع تراجع خدمات وكالة الغوث، الأمر الذي سيزيد أوضاع اللاجئين سوءا في لبنان.
واستنكر خروج القرار مع وجود حوار فلسطيني لبناني لوضع رؤية مشتركة لوجود الفلسطيني في لبنان، مبينا أن الفصائل وضعت ورقة باسم المستقبل الفلسطيني في لبنان يشرح رؤيتها، مشيرا إلى أن القرار مستنكر ومستغرب في وقت يبحث فيه الطرفان عن رؤية مشتركة للحل.
وأكد مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" في لبنان أن القرار يشكل إساءة لهوية لبنان العربية ولدوره في مقاومة الاحتلال، فمن يحب فلسطين يجب أن يحب الفلسطينيين.
وأوضح أن بعض القوى السياسية في لبنان لا زالت تعيش على حالة العداء للفلسطيني في لبنان ويستخدم فزاعة التوطين.
ولفت إلى أن اللاجئ لا يريد سوى العيش بكرامة حتى العودة لبلاده، لأن الفلسطيني رافض للتوطين لذا يجب نزع فتيل الاحتقان خاصة أن المخيمات أغلقت أبوابها وامتنعت عن استقبال البضائع في محاولة للضغط على الحكومة اللبنانية.
ويمنع القانون اللبناني اللاجئين الفلسطينيين من ممارسة أكثر من 70 حرفة ومهنة، بالإضافة إلى شروط واجب توافرها للحصول على إجازة عمل.
ويتجاوز عدد اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات في لبنان أكثر من 174 ألفا و422 فردا يعيشون في 12 مخيما، و156 تجمعا فلسطينيا في مختلف المناطق اللبنانية، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.