قائمة الموقع

على غرار السلطة التشريعية.. عباس يسطو على القضاء

2019-07-22T09:43:00+03:00
على غرار السلطة التشريعية.. عباس يسطو على القضاء
الرسالة – محمود هنية

استكمالا لإجراءاته غير الدستورية، قرر رئيس السلطة محمود عباس حل مجلس القضاء الأعلى وإحالة قرابة 30 قاضيا إلى التقاعد، في خطورة وصفتها الجهات القضائية والقانونية بـ"المجزرة" تجاه السلك القضائي.

قرار الرئيس تجاه القضاء الأعلى خطوة ضمن مسلسل تاريخي من الاعتداءات على السلطة القضائية، ليس آخرها إقالة رئيس المجلس الأعلى السابق للقضاء سامي صرصور بعد تعيينه ضمن ورقة بيضاء تسمح له فصله في أي وقت.

ومع أول إشكالية بين صرصور من جانب وتوفيق الطيراوي ورامي الحمد الله من جانب آخر، رفع عباس الكرت في وجهه ووجد الأول نفسه خارج المنظومة القضائية بإمضاء من الرئيس!، في خطوة لا معنى لها دستوريا ولا قضائيا ضمن دولة تضمن وتكفل حق الفصل بين السلطات.

ولفت المستشار صرصور إلى أنه لا يجوز تقديم استقالة لأي شخص قبل أن يتم توظيفه فعلياً، وتابع " لم أتقدم باستقالتي من الناحية القانونية، وبحسب المادة 33 من السلطة القضائية ومجلس القضاء الأعلى ووزير العدل تتم الموافقة دون أن تمر على الرئيس، وينتهي دوره بمجرد تعييني"، لافتاً إلى أنه وفق القانون لا يجوز للرئيس أن يتدخل في قرارات القضاء الأعلى بالمطلق.

صرصور استعرض مع الرسالة سلسلة طويلة من التعديات والتجاوزات التي قام بها عباس تجاه السلطة القضائية، ليس أدناها تعيين مجموعة من القضاة دون تنسيب من مجلس القضاء.

إضافة لذلك فإن الاعتداء الذي طال منظومة العدالة من رجاله لم يسلم حتى مع النيابة التي عين فيها مجموعة من أبناء المسؤولين والمتنفذين بطرق غير قانونية، في فضيحة لم تستطع حتى هيئة مكافحة الفساد مداراتها فلجأت لطلب التحقيق بها.

وأكد صرصور أن هناك حالة تزوير مستمرة الغرض منها وضع يدهم على ملف القضاء بالضفة المحتلة".

وتابع " يريدون قاضيا يقول لهم أمرك سيدي وأنا لا أقبل ذلك بالمطلق ولا أعرف ذلك".

مسيرة التحرش بالحالة القضائية في الضفة، تورطت فيها عديد الشخصيات من السلطة التنفيذية وأخرى سياسية من فتح، فوزير العدل السابق علي أبو دياك تقدم بمقترح للحكومة في شهر مايو الماضي بإقرار تعديلات على قانون السلطة القضائية، يتيح بموجبها لرئيس السلطة إقالة أي قاض في حال بلغ سنا معينا، وتعيين المحكمة العليا بالعودة إليه، معتبرًا ذلك تعدياً من السلطة التنفيذية على القضائية، تبعا لصرصور.

وأوضح أن الدستور بموجب المادة 43 منح الرئيس إصدار بعض القوانين في السلطة القضائية في حال الضرورة "ولكن لا يوجد هناك ضرورة حقيقية تستوجب إجراء هذه التعديلات، واستباحة السلطة القضائية"، مشيرا إلى أن المجلس الأعلى للقضاء في رام الله رفض هذه التعديلات.

وأكد أنه لا يجوز من حيث المبدأ التدخل في قوانين السلطة القضائية من مجلس الوزراء، مشيرا إلى أن القضاء بشكل عام لا يشعر بالاستقلالية في الضفة نظرًا لحجم التدخلات من الحكومة التي بات مناط بوزارة العدل فيها مناقشة ميزانيات القضاء، وهذا أمر يتعارض مع قانون استقلال السلطة القضائية الذي جرى إقراره عام 2002م.

وكشف رئيس مجلس القضاء الأعلى أنه جرى تعيين قضاة في المجلس الأعلى للقضاء خلافاً للمادة الـ16 من قانون السلطة القضائية، الذي ينص على أنه لا يجوز تعيين أي قاض لرئاسة أي محكمة إلا بتنسيب من القضاء الأعلى وبعدها يصدر الرئيس قرار تعيينه، وإن لم يتم تنسيبه من القضاء الأعلى فـيعد تعيينه باطلاً.

وبيّن أن رئيس السلطة محمود عباس أصدر قرار تعيين علي مهنا في محكمة العدل العليا بدون تنسيب مجلس القضاء الأعلى، وبعد اعتراض المجلس استجاب الرئيس وأنهى خدماته، مشيرا إلى أن عددًا من رؤساء المحاكم جرى تعيينهم بدون تنسيب، و"كان تعيينًا باطلا ويعتبر أحد الاعتداءات على قانون استقلال السلطة القضائية"، وفق قوله.

وبالنسبة لتعيينات النيابة العامة، أوضح أنه جرى تعيين شخصيات في النيابة بدون أن تنطبق الشروط عليهم لا من حيث المعدل أو الأقدمية ولا حتى الكفاءة، وتابع "فقط جرى تعيينهم بناء على مواقع نفوذ ذويهم وقربهم من صناعة القرار"، مؤكداً أنّ هذه التعيينات أخلّت بواجبات الوظيفة، والمعايير التي يجب من خلالها التعيين في الوظائف العمومية، وهذه كلها مؤشرات فساد.

وشدد صرصور على أن مثل هذه التهم تعتبر طعنة في القضاء الفلسطيني تستوجب محاكمة من اقترفها.

 مجزرة ضد القانون

أثار قرار عباس موجة غضب عارمة تجاه الأوساط السياسية والقانونية، فالفصائل أجمعت في بيانات مختلفة على خطورة الإجراء الذي اعتبرته تجاوزا وعدوانا صارخا ضد القانون.

الجبهة الشعبية طالبت عباس بالتوقف عن إجراءاته وانتهاكاته التي تطال المؤسسات الدستورية.

أما الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، فرأى مديرها في غزة جميل سرحان، القرار بمنزلة مداراة لأخطاء الرئيس في إدارة الشأن العام.

أما النائب ديمتري دلياني، فوجد في القرار استكمالا لنهج الإقصاء بحق المخالفين للرئيس، والرغبة في إنهاء أي صورة ولو كانت شكلية لمنظومة المؤسسات في السلطة.

بسام أبو شريف مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات، وجد في هذه القرارات وغيرها التي طالت المؤسسات رغبة لإضفاء الصبغة الفتحاوية الكاملة على كل المؤسسات، "فلم تعد فتح تقبل أن تتحكم بقرار المؤسسات بل تريد أن تكون جزءا أساسيا وحضور عناصرها في كل أروقتها".

واعتبر ما يحصل خطوات ضمن سلسلة تكريس الحكم بيد فئة بعيدة عن الإجماع الوطني.

اخبار ذات صلة