مجددا؛ تُعيد السلطة الفلسطينية خطيئتها التي ارتكبتها سابقا في التراجع عن الدعاوى القضائية التي ترفعها في محكمة العدل الدولية؛ لمقاضاة الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن الجرائم التي يجري ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني.
وكشف التقرير الرسمي الصادر عن محكمة العدل الدولية عن تراجع السلطة الفلسطينية عن دعوى كانت قدّمتها ضد الاعتراف الأمريكي بمدينة القدس المحتلّة عاصمة للكيان الإسرائيلي.
وبحسب التقرير الرسمي للمحكمة فإنّ السلطة أودعت بتاريخ 28 سبتمبر/أيلول 2018 عريضة إقامة دعوى ضد الولايات المتحدة على خلفية اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" ونقل السفارة الأمريكية إليها في ديسمبر 2017.
وبيّن أنّ السلطة بعثت رسالة بتاريخ 12 أبريل/نيسان 2021 إلى رئيس قلم محكمة العدل الدولية طالبته فيها بـ"تأجيل المرافعة الشفوية" للقضية التي كان من المقرر إجراؤها في 1 حزيران/يونيو 2021.
وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة لم تكن تعترض على الطلب الفلسطيني لدى محكمة العدل الدولية، وذكر التقرير أنّ المحكمة قرّرت، مع مراعاة آراء الطرفين، تأجيل جلسات الاستماع "حتى إشعار آخر".
ولم يكن هذا التراجع الوحيد؛ فتاريخ السلطة حافل في التنازل والتفريط بحقوق الشعب الفلسطيني، ودليل ذلك تراجعها قبل أكثر من عشرة أعوام عن طلبها أن تتبنى الأمم المتحدة تقرير لجنة "غولدستون" التي حققت في الحرب العدوانية عام 2008 على قطاع غزة، واتهمت (إسرائيل) بارتكاب جرائم حرب.
وأعلنت السلطة آنذاك عن سحبها لاقتراح القرار الذي قدم إلى مجلس حقوق الإنسان في التابع لهيئة الأمم المتحدة في جنيف، والذي تضمن المطالبة بتبني نتائج تقرير غولدستون، وهو الأمر الذي منع إدانة (إسرائيل) بارتكابها جرائم حرب في قطاع غزة.
تراجع مقابل وعود
ونقلت صحيفة "العربي الجديد"، عن مصدر مسؤول في السلطة، قوله، إن القيادة الفلسطينية أوقفت إجراءات الدعوى المقدمة ضد قيام الولايات المتحدة الأميركية بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة في محكمة العدل الدولية، بناء على وعود من إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية المحتلة، وإقناع حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتقديم تسهيلات معيشية واقتصادية للفلسطينيين.
وتابع المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، قائلاً "لقد قبلت القيادة الفلسطينية بوقف إجراءات الدعوى، وعدم استكمالها منذ شهر يونيو/ حزيران الماضي وحتى الآن، بناء على وعود أميركية تلقتها القيادة الفلسطينية خلال الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي جو بايدن، ولاحقاً خلال الاتصالات بين أعضاء من القيادة الفلسطينية ومسؤولين في الإدارة الأميركية".
وأكدت مصادر أخرى للصحيفة، أن قرار تأجيل جلسة الاستماع بطلب القيادة الفلسطينية، هو قرار سياسي جاء من الرئاسة الفلسطينية بشكل مباشر، ولم يخضع لأي نقاش مع خبراء قانونيين أو مسؤولين فلسطينيين في وزارة الخارجية.
رهن المكاسب
ويعبر رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني حشد د. صلاح عبد العاطي، عن ادانته الشديدة بعد تأجيل السلطة لطلب إقامة دعوى ضد الولايات المتحدة الأمريكية أمام محكمة العدل الدولية والقاضي بالبت في مسألة نقل السفارة الأمريكية للقدس.
ويؤكد عبد العاطي في حديثه لـ "الرسالة نت" أن هذه الخطوة كنا ننتظرها في إطار خطة مواجهة نقل السفارة الامريكية وباقي السفارات لمدينة القدس وفي ذات الوقت ترسيم الاعتراف بالقدس انها منطقة محتلة وإدانة كافة الخطوات والإجراءات الامريكية والإسرائيلية في مدينة القدس.
ويشدد على أن تأجيل السلطة للمرافعة الشفوية التي كان من المقرر إجراؤها في تاريخ 01 حزيران 2021؛ بغية إتاحة الفرصة لإيجاد حل تفاوضي لنزاع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، يعد تجسيدا لذات السياسات الفلسطينية التي مازالت ترهن المكاسب القانونية الدولية بمسار المفاوضات.
ويطالب قيادة السلطة بتقديم تبرير واضح لقرار تأجيل المرافعة الشفوية؛ وتحثها للمضي قدما تجاه توظيف مثالي للفرص القانونية والقضائية التي يتيحها القانون والقضاء العمل الدولي.