خلق قرار السلطة الفلسطينية حالة جدل في الشارع الفلسطيني بين مشكك ومحذر من وقف الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي، ورغم أن قدرتها على تنفيذه تبقى ضعيفة إلا أن اللافت كان الموقف الإسرائيلي الذي تعامل مع القرار بدرجة عالية من اللامبالاة.
تلك الحالة تعكس أن القرار لم يلق درجة عالية من الخطورة لدى الاحتلال الذي سمعه أكثر من 50 مرة من السلطة خلال السنوات الماضية دون تغيير حقيقي على أرض الواقع.
ورغم ذلك بات الاحتلال يتذرع بأي خطوة أو قرار فلسطيني لتمرير المزيد من خطوات صفقة ترامب التي تتبنى الحل الإسرائيلي بالكامل، فجاء الرد الإسرائيلي بالمزيد من الضغط على السلطة والجانب الفلسطيني.
يقول الكاتب والمحلل السياسي حسن عصفور "ليس سوى فاقدي البصيرة السياسية، من ذهبوا لتصديق ذلك "الإعلان المسرحي" للمرة الـ 11 منذ سنوات، حول قيام رئيس سلطة "الحكم الذاتي المحدود جدا" في جزء من بقايا الوطن، بأنه سيذهب فعلا لوقف العمل بالاتفاقات التي انتهت فعليا، وأصبحت أداة لتكريس البعد التوراتي لتهويد الضفة والقدس".
وشدد على أن الجهة صاحبة القرار تفتقد كل "أدوات الفعل" لخوض "مواجهة سياسية" مع دولة الاحتلال، سواء بما لديها، أو في ظل المشهد القائم انقساما وتقسيما وتقاسما.
ويؤكد عصفور أن من تابع الموقفين الأمريكي والإسرائيلي لن يجد موقفا "غاضبا" ردا على "قرار الوقف"، لأنهما يعلمان حقيقة الأمر، خلافا لمن حاول التظاهر بـ الواقعية السياسية"، وذهب إلى الانضمام لـ "حفلة الترحيب".
وقال عصفور "ولأن الفعل هو الأكثر تأثيرا، نشرت وسائل إعلام عبرية يوم 29 يوليو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، ناقش خطة "حول السماح لبناء فلسطيني في المنطقة المعروفة إعلاميا بمناطق (ج)، وهي أراض تبلغ مساحتها 60% من الضفة الغربية، مقابل البناء في مستوطنات إسرائيلية (يهودية)، وهي أيضا أراض فلسطينية بالضفة الغربية".
وشدد على أن الرد الإسرائيلي جاء سريعاً على القرار اللغوي بوقف الاتفاقات، بالذهاب لتنفيذ الجزء الرابع من الخطة الأمريكية الإقليمية "صفقة ترامب"، عبر معادلة جديدة "بناء مقابل بناء" فوق الأرض الفلسطينية، وهو بذلك يعلن رسميا، اعتبار أراضي المستوطنات كجزء من دولة الكيان، التي يراها "دولة اليهود" وفقا لقرار "القومية" العنصري، الذي أقره الكنيست الإسرائيلي في وقت سابق.
ولفت إلى أن معادلة نتنياهو الجديدة، تستبق الإعلان الرسمي للخطة الأمريكية، وتمهيدا للمعركة الانتخابية التي يترنح تحالفه بها، وقد يفشل في تحقيق "حلم الانتصار"، وتأكيدا للمقولة الرسمية الأمريكية الجديدة، بأن الضفة الغربية هي "يهودا والسامرة".
واعتبر عصفور أن نتنياهو عبر المعادلة الجديدة، يبحث ترسيخ أن السيادة الإسرائيلية باقية تحت أي مظهر على الأراضي الفلسطينية، وأن رخص البناء في غالبية الأرض المعروفة بمناطق (ج) هي حق لحكومة (إسرائيل)، تمنح أو ترفض وفقا لما تراه، وبذلك يتم شطبها كليا من أراضي الدولة الفلسطينية.
إعلان مقابل إعلان، تلك هي الحالة القائمة الآن، إعلان يذهب فعليا للتنفيذ المباشر دون أن يشكل لجانا تبحث "آليات" للتنفيذ، وإعلان ما زال تائها بين طريق مقر المقاطعة ومن عليه أن يشكل "لجان البحث"، حيث لم يعلم من هي وأين هي وكيف لها العمل، وقبل كل ذلك ماذا عليها ان تبحث حقا، وأي اتفاقات يمكن القول إنها ستتوقف، وهي التي لم يبق من أثرها سوى كل ما له مصلحة في دعم المشروع التهويدي، مصالح كبار المستفيدين ماليا ونفوذا من وجود السلطات الاحتلالية، بحسب عصفور.
ويبدو نتنياهو غير مبال كثيراً بالتحذيرات الأمنية التي تهدد بأن انهيار السلطة وضم الضفة سيؤدي لتدهور الوضع الأمني فقد كتب بعض الجنرالات عريضة لنتنياهو، قبل أسابيع، يحذرونه فيها من أن ضم الضفة سيضر بأمن (إسرائيل)، رد بتغريدة على "تويتر" أن "الضفة ميراث الأجداد وليست قضية أمن"، ما يعكس أن تهديدات السلطة لن تفرض على الاحتلال تغيير نهجه وإنما يستمر بفرض الوقائع على الأرض تمهيدا للمرحلة القادمة التي لا يشترط الاحتلال وجود السلطة فيها.