بين حقل من الألغام، يحاول رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو السير بحذر شديد في خطواته نحو الذهاب إلى إعادة الانتخابات الإسرائيلية المزمع عقدها في سبتمبر المقبل.
جاهدا يحاول نتنياهو بكل ثقله الموازنة بين الضغوط الداخلية والخارجية، وتتمثل الأولى في الصراع بينه وبين منافسيه في الانتخابات والقدرة على الفوز وتشكيل الحكومة، أما على الصعيد الخارجي فإنه يعتقد أن قطاع غزة يمثل قنبلة موقوتة قد تنفجر وتدمر مستقبله السياسي، إلى جانب التهديد الإيراني وتقلبات الجبهة الشمالية.
تورط بمواجهة
وكشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن أن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي يخشى من التورط بمواجهة واسعة في قطاع غزة، قبل انتخابات (الكنيست) الشهر القادم.
وذكرت "هآرتس" العبرية في تقرير أعده معلقها العسكري عاموس هارئيل أن المخاوف من التورط في المواجهة، قبل الانتخابات، تدفع نتنياهو، إلى احتواء عمليات إطلاق النار التي تتم على الحدود مع قطاع غزة.
ولفت هارئيل إلى أن نتنياهو المشغول حاليا بالعمل على تعزيز فرص فوزه في الانتخابات القادمة وضمان حصول تحالف اليمين على أغلبية مطلقة بدون حزب "يسرائيل بيتنا"، يخشى أن تسهم مواجهة عسكرية مع حركة "حماس" بالمس بمكانته السياسية بشكل يفضي إلى تراجع الدعم الجماهيري له.
وأشار إلى أن التجربة العملية دللت على أن نتنياهو يخسر فقط في أعقاب أية مواجهة مع "حماس"، مشيرا إلى أن جميع الأحزاب والحركات السياسية من اليسار واليمين انتقدت "تخاذله" في مواجهة الحركة وميله لاستيعاب عملياتها.
وأوضح الكاتب الإسرائيلي أن نتنياهو يحرص على اعتماد سياسة تقوم على ضبط النفس إزاء المواجهة مع "حماس"، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعي أنه بالإمكان تحديد موعد اندلاع الحرب لكن من الصعب جدا تحديد موعد انتهائها.
ونوه إلى أنه من ناحية نظرية، فإن الخطة التي أعدها الجيش للمواجهة القادمة مع "حماس" تتضمن القيام بعملية برية في عمق قطاع غزة بهدف تدمير البنى التحتية للمقاومة دون أن تسفر الخطة عن إعادة احتلال القطاع وإسقاط حكم حركة "حماس."
وتابع هارئيل إنه حتى قيادة الجيش لا تبدي في هذا الوقت حماسا لشن عمل عسكري على القطاع، مشيرا إلى أن قيادة المنطقة الجنوبية سارعت للإيضاح أن الفلسطيني الذي نفذ قبل أيام عملية إطلاق النار التي أسفرت عن إصابة ضابط وجنديين تصرف بمفرده ولم يعمل بناء على تعليمات "حماس".
منع المواجهة
ويعتقد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي د. عدنان أبو عامر أنه ليس من الجديد على نتنياهو محاولاته المتكررة لمنع الذهاب لمواجهة عسكرية مع قطاع غزة قبل إجراء الانتخابات؛ كونها تمثل الخسارة السحرية والسريعة له.
ويوضح أبو عامر في حديثه لـ"الرسالة" أن نتنياهو يحاول بقدر الإمكان إبعاد المواجهة إلى أطول فترة ممكنة، لافتا إلى أن المقاومة الفلسطينية لديها القدرة على ممارسة محاولة الضغط على الاحتلال لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب المتعلقة بحلحلة الحصار المفروض على القطاع.
ويشدد على أن حسابات هذا الأمر دقيقة وحساسة خشية الوقوع في مقامرة، كونه ليس من السهل ممارسة كم كبير من الضغط مما قديحرج نتنياهو أمام خصومه السياسيين ويجد نفسه أنه مضطر إلى الدخول في مواجهة تخلّصه من هذا الحرج.
ويشير أبو عامر إلى أن نتنياهو يحاول قدر الإمكان المناورة والتهديد ويسعى للحفاظ على الذهاب إلى أجواء انتخابية بعيدا عن التوتر والابتزاز، لافتا إلى أن كل الخيارات وخاصة الذهاب للحرب قد تكون واردة.
وفي نهاية المطاف يمكن القول إن نتنياهو سيبقى يحاول موازنة نفسه وهو يسير في الطريق للانتخابات التي باتت أشبه بحبل سيرك أسفله نار هاوية تهدد حياته السياسية.