يزداد القلق على مصير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" مع اقتراب موعد التصويت على تمديد عملها لثلاث سنوات جديدة الشهر المقبل، في ظل الهجمة الأمريكية عليها، وغياب الدعم الحقيقي من سلطة حركة فتح للوكالة الأممية في مواجهة الخطة الأمريكية.
وفي التفاصيل، فإن الأيام الماضية شهدت تطورات مهمة على صعيد الهجمة الأمريكية ضد "أونروا" تركزت في الكشف عن ملفات فساد تطال مسؤولين في الأونروا، ما دفع سويسرا وهولندا إلى إيقاف الدعم المالي عن الوكالة الأممية.
وبحسب المتابعين للقضية، فإن النشاط السري الذي قام به مكتب الأخلاقيات في الأمم المتحدة بالتحقيق في ملفات فساد، لم يكن بريئا من حيث التوقيت والشكل، في ظل السعي الأمريكي لإنهاء عمل الوكالة الأممية بصفتها الشاهد الرئيسي على مأساة اللاجئين الفلسطينيين وقضية العودة إلى ديارهم.
وأدى الإعلان عن قضايا الفساد إلى إحداث حالة من الإرباك في صفوف الأونروا التي تستعد إلى حشد الدعم الدولي لها قبيل اجتماعات الدورة الـ 74 للجمعية العامة ستبدأ في أيلول / سبتمبر 2019 وعلى هامشها ستعقد عدة اجتماعات مهمة، من ضمنها اجتماع وزاري لكبار الدول المانحة "أونروا" لمناقشة الجانب المالي لها وتجديد ولايتها.
ولم يصدر أي بيان عن السلطة بخصوص أزمة الأونروا قبيل التصويت على تمديدها سوى الحديث عن اعتماد خطة للتحرك على عدة مستويات لدعم الوكالة وحشد الدعم السياسية لها لتجديد ولاية تفويضها لثلاث سنوات جديدة من عام 2020 إلى 2023.
وإزاء ذلك كله، أبقت السلطة على حالة الضعف الدبلوماسي في مواجهة سياسات الإدارة الأمريكية اتجاه أونروا، برغم أن المرحلة الحالية تتطلب جهدا سياسيا ودبلوماسيا مضاعفا، للحفاظ على بقاء الأونروا في الساحة الفلسطينية.
وفي المقابل وما إن تسربت أخبار التحقيق في الفساد، وقبل صدور نتائج التحقيق انبرت نيكي هيلي، سفيرة أمريكا السابقة في الأمم المتحدة، وجيسون غرينبلات، مبعوث ترامب لعملية السلام في الشرق الأوسط وداني دانون سفير إسرائيل في الأمم المتحدة، للتشكيك في الوكالة نفسها والمطالبة بتفكيكها وتبرير وقف المساعدات عنها.
وأوقفت الولايات المتحدة العام الماضي 300 مليون كانت تقدمها سنوياً لأونروا، وقالت إن أونروا "فاسدة وغير مفيدة ولا تساهم في عملية السلام". وتريد إدارة ترمب إغلاق أونروا ضمن خطة للمس بمكانة اللاجئ الفلسطيني، لكن الوكالة الدولية تحدت الولايات المتحدة وقالت إنها لن تسمح لأحد بنزع الشرعية عنها.
وفي التعقيب على ذلك، قال عصام عدوان رئيس دائرة اللاجئين في حركة حماس إن الوقت حساس جدا على صعيد بقاء الأونروا في عملها، في ظل الهجمة الأمريكية التي تصل ذروتها بالحديث عن ملفات فساد في إدارة الأونروا.
وأضاف عداون في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن الموقف يتطلب جهدا فلسطينيا مركزا، وبالدرجة الأولى على السلطة، من خلال أذرعها الدبلوماسية في العالم، إلا أنه منذ بداية الأزمة اتضح الموقف الباهت للسلطة في دعم الأونروا.
وبيّن أن الحديث عن تحقيقا الفساد في الوقت الحالي لا يمكن فهمه إلا في إطار السعي الأمريكي لشطب حق العودة من خلال إلغاء عمل الوكالة، مع التأكيد على ضرورة إنهاء حالة الفساد في الوكالة –إن تأكدت- مع بقائها في النشاط الإغاثي الذي تقدمه للاجئين الفلسطينيين في المناطق الخمسة.
وأرسلت الولايات المتحدة الأميركية رسالة إلى الأمم المتحدة طلبت فيها توضيحات حول تحقيقات الفساد التي انطلقت داخل المنظمة، وقالت إنها تشعر بالقلق من أن الأموال التي تبرعت بها واشنطن في الماضي إلى الوكالة استغلت بطريقة مسيئة. وطلبت الرسالة تفاصيل حول التحقيقات ونتائجها.
ويتضح مما سبق أن الأونروا تواجه معركة حقيقية من أجل البقاء، في مواجهة التيار الأمريكي ومن يسير في فلكه من دول أوروبية وعربية، ما يتطلب السعي الفلسطيني الجاد للحفاظ على وجود الوكالة الأممية، باستغلال كافة العلاقات والأوراق السياسية والدبلوماسية والشعبية.