استأنفت الفصائل الفلسطينية مساعيها لتحريك المياه الراكدة في ملف المصالحة، بعد عامين تقريبا من توقفها وفي ضوء ما شابها من إجراءات عقابية فرضتها السلطة الفلسطينية على غزة.
المحاولة الجديدة تهدف الى إعادة دفع عجلة المصالحة، استنادًا للتفاهمات الوطنية المتفق عليها منذ عام2011م.
المحاولة بدأت باتصالات بادرت إليها قوى المقاومة، في ضوء اجتماعات تضمن بعضها لقاءات مباشرة بين رئيس وزراء فتح محمد اشتيه مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في انقرة.
دافع حماس طبقا لمسؤولين في الحركة ينطلق من اتجاه حرصها في مواجهة صفقة القرن وتداعياتها الخطرة على القضية الفلسطينية، والرغبة في تشكيل موقف سياسي وميداني موحد.
واتفق الطرفان على وقف الحملة الإعلامية، لتهيئة الأجواء لحراك يفضي الى فتح ثغرة في جدار المصالحة.
تبعا لمصادر خاصة، فإن الوفد المصري الذي زار القطاع مؤخرا كان يحمل في طياته شرطا فتحاويا يتمثل بتمكين حكومة اشتيه في غزة، تطبيقا لما اسمته فتح تمكين الحكومة ضمن اطار تفاهمات 2017.
حماس تمسكت بمطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية، ولم تبدي تشددًا في عدم تولي اشتيه لرئاسة هذه الحكومة، لكنّ على قاعدة مشاركة الجميع في هذه الحكومة.
خطوة لم تجد طريقها لدى فتح التي تمسكت بحكومة اشتيه، محيلة تشكيل أي حكومة وحدة لمرحلة لاحقة.
وقفت الجهود آنذاك عند هذا الحد، غير أن القوى الفلسطينية بدأت بالتحرك على قاعدة الاجماع الوطني، ممثلة بتنفيذ التفاهمات والتوافقات ضمن رزمة واحدة وبشكل متزامن وضمن سقف زمني متفق عليه.
ويتحرك الاجماع على قاعدة عقد لقاء للامناء العامين للفصائل، ليبحث في مسار توحيد البرنامج السياسي ضمن حالة الاجماع المتفق عليها، وصولا الى اجراء انتخابات شاملة "تشريعي ورئاسة ومجلس وطني" على قاعدة الانتخابات النسبية.
وترتكز المبادرة في جوهرها على الوصول لتشكيل حكومة وحدة وطنية تساهم في تعزيز البرنامج الوطني المشترك، بما يضمن الوصول الى حالة سياسية وميدانية موحدة.
ويفتح هذا المسار الباب تجاه إعادة بناء منظمة التحرير، لتمثل بشكل حقيقي الكل الفلسطيني وتعبر عن البرنامج السياسي الوطني المجمع عليه وطنيا.
المبادرة بما تتضمنه من مراحل وجدت ترحيبا مبدئيا من عديد القوى والفصائل التي سعت في اطار تحريك ملف المصالحة.
وطرحت المبادرة على طاولة الفصائل الفلسطينية ضمن ما يعرف باطار "لجنة المتابعة العليا للفصائل الوطنية والإسلامية" بغية الحصول على أوسع التفاف وطني وشعبي حول هذه المبادرة.
ورغم ما تتضمنه المبادرة من "خارطة طريق" متميزة في اطار البحث عن حلول وطنية ذاتية للخروج من نفق الانقسام، الا أنّه يكتنفها عديد المحاذير والمخاطر وتعترضها عقبات عديدة في اطار المواقف المسبقة المتشددة التي يتمسك بها رئيس السلطة محمود عباس تجاه رفضه اشراك حماس والجهاد في منظمة التحرير أو حكومة الوحدة.
واستبقت قيادات فتحاوية برفضها لمبادرة الفصائل الوطنية، في الوقت الذي تتمسك به فتح تطبيق تفاهمات أكتوبر من عام 2017، تلك التفاهمات التي قضت عليها الحركة بشطبها لحكومة الحمد الله، تبعا لموقف حماس السياسي المعلن.
وإلى حين تغير فتح من أولويات قناعاتها السياسية تجاه موقف المصالحة، فإن المبادرات ستظل حبيسة الخواطر والامنيات ما لم يبدل عباس ويغيّر!