كشفت صحيفة إسرائيلية، عن تفاصيل "صفقة سرية" قامت بها الإمارات لشراء طائرات تجسس ذات قدرات استخبارية عالية، مؤكدة أن رجل أعمال اسرائيليا يقف خلف هذه الصفقة.
وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، في تقرير أعده كل من أوري بلاو و آفي شراف، أن "طائرة رجال أعمال بيضاء، اعتادت منذ بضعة أسابيع على الإقلاع من المطار العسكري في أبو ظبي، والتحليق لساعات في سماء الخليج لإتمام الصفقة".
ونوهت إلى أن "رحلات الطيران التجريبية لهذه الطائرة التي بدأت مؤخرا، تدل على المراحل النهائية للصفقة السرية"، كاشفة أن "من يقف خلف تزويد طائرة التجسس للإمارات هو رجل الأعمال الإسرائيلي ماتي كوخافي في صفقة تبلغ 3 مليارات شيكل (دولار=3.5 شيكل)".
وأكدت "هآرتس" التي حصلت على الوثائق المتعلقة بالصفقة والتي سربت من مكتب المحامين "آبل باي"، أن "أسماء زعماء الإمارات ارتبطت بالصفقة، التي دفع جزء منها نقدا"، موضحة أنه "برغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين تل أبيب وأبو ظبي، لكن هذا لا يمنع المصالح المشتركة من أن تؤدي لعلاقات متشعبة غير رسمية، تشمل علاقات في المجال التجاري والعسكري والدبلوماسي".
وبين التقرير أن"إسرائيل والسعودية والإمارات، تتبادل فيما بينها بصورة مستمرة معلومات استخبارية عن طهران، كما تدير تل أبيب تجارة بمبلغ مليار دولار سنويا مع دول الخليج"، بحسب ما ورد في "وول ستريت جورنال"، وتقرير نشره معهد طوني بلير للتغيير العالمي.
وأكدت الصحيفة العبرية، أن "صفقة تزويد الطائرات تشمل طائرتي تجسس، الأولى تم نقلها قبل سنة بالضبط إلى الإمارات، وبعد فترة من التزويد بالأجهزة، بدأت في الأسابيع الأخيرة برحلات طيران تجريبية قبل تحويلها إلى رحلات عملياتية، ونقلها بشكل نهائي للجيش الإماراتي الذي يتوقع أن يتم حسب الصفقة في العام القادم".
وأما الطائرة الثانية، فهي "ما زالت في مرحلة التطوير في بريطانيا، وهي تنفذ رحلات طيران تجريبية في شمال شرق لندن"، بحسب الصحيفة التي قدرت أنه "عندما ستصبح الطائرات عملياتية، فسيكون لجيش الإمارات قدرة استخبارية متطورة جدا تشمل طائراته تستطيع اعتراض عمليات الإرسال وتحديد ورسم الخرائط الإلكترونية التي تديرها إيران في الوقت الفعلي، وضمن أمور أخرى، أجهزة الرادار والدفاع الجوي التي تدافع عن المنشآت النووية".
وأشارت إلى أن "دولا أخرى في المنطقة؛ صديقة أو عدوة، يمكن أن تكون هدفا لهذه الطائرات، ومنها السعودية".
وبحسب حديث ثيودور كيرسيك، وهو زميل مشارك في البحث حول موضوع روسيا والشرق الأوسط في مؤسسة "جيمس تاون فاونديشن"، وأقام في الإمارات سنوات كثيرة، ويعرف الدولة والصناعة الأمنية فيها جيدا، فإن "رغبة الإمارات في الحصول على معلومات استخبارية مستقلة، تقف خلف الاستثمار في طائرات التجسس".
وأكد أن "الحاجة لمعلومات تتعلق بليبيا واليمن وإيران، تجعل الإمارات تستثمر أموالا ضخمة في شراء طائرات التجسس".
وكشفت الوثائق المسربة من "آبل باي"، أن "الإمارات وقعت على اتفاق مع شركة كبيرة في أبو ظبي هي "أدفانسد إنتغريتد سيستمز" (إي.آي.إس)، علما بأن مدير عام الشركة هو عبد الله أحمد البلوشي، وهذه عائلة معروفة بعلاقاتها مع جهاز الاستخبارات في الإمارات".
ونبهت الصحيفة، أن فحص موقع الشركة "غير النشط" التي أقيمت في 2006، أشار أنها "تعمل في تقديم حلول حماية ديناميكية للحكومات والوكالات والشركات، كما أنها تعمل في حماية منشآت استراتيجية وبنى تحتية مختلفة وشبكات مواصلات ومعابر حدودية".
وبحسب الموقع، "تدير الشركة مشاريع بمليارات الدولارات، داخل وخارج الإمارات".
ونبه التقرير، أنه في أعقاب مباحثات وصفت بالتفصيل في الوثائق المسربة، تقرر أن الخطوة الأكثر صحة من ناحية التكلفة الضريبية، تسجيل الطائرات في جزيرة مان التي تقع بين بريطانيا وإيرلندا، بصورة تشبه تسجيل طائرات مدراء رجال الأعمال، وبعد ذلك فتحت (إي.آي.إس) فرعا لها بنفس الاسم في الجزيرة".
وأظهرت إحدى الوثائق، أن التكلفة الإجمالية للصفقة بلغت 629 مليون يورو، وهو أكثر بـ 80 مليون يورو من المبلغ المتفق عليه بين الإمارات وشركة (إي.آي.إس) عام 2010، كما أن بند إعادة تأهيل الطائرة يصف تركيب أجهزة "ايلينت" لجمع وتحليل الإشارات الإلكترونية لأنظمة عسكرية وتحديد أهداف، إضافة لتركيب أجهزة "كومنت" للتنصت؛ وأجهزة حرب إلكترونية للدفاع والتشويش؛ وأجهزة رقابة بصرية (كاميرات بعيدة المدى)، وأجهزة اتصالات الأقمار الصناعية وأجهزة برمجة لإدارة المنتجات، كما يشمل البند إنشاء محطات التقاط أرضية".
وأشارت الصحيفة، إلى "ارتباط حكام الإمارات سواء الرئيس خليفة بن زايد، أو ولي العهد محمد بن زايد بشركة (إي.آي.إس)، ولكن الوثائق لا توضح طبيعة هذه العلاقة".
ولكن كيرسيك يقدم تفسير لهذا، بأن "شركة (إي.آي.إس) وشركات أخرى من هذا النوع هي بملكية الدولة نفسها، وهذه المعلومات تعتبر حساسة، لذلك فهي لا تظهر في التسجيل العلني للشركة".
ورغم "إثارة شكوك حول عدة جوانب من الصفقة"، تؤكد الصحيفة أن "الصفقة تقدمت والطائرة الأولى يتوقع أن تنقل نهائيا لجيش الإمارات العام القادم".
وأفادت "هآرتس"، بأن رجل الأعمال الإسرائيلي كوخافي، و"بواسطة الذراع التجارية المعروفة؛ الشركة السويدية باسم "إي.جي.تي إنترناشيونال" ومقرها في زيوريخ، كان أحد عرابي صفقة تزويد الطائرات للإمارات، وهي شركة تعمل في تقديم الحلول في المجال الأمني".
وأكدت أن "شركة "إي.جي.تي" كانت المسؤولة عن توفير جزء كبير من الأنظمة التي تم تركيبها في الطائرة"، موضحة أن "أعمال التطوير نفسها نفذتها شركة "مارشال" البريطانية، وهي ذات الشركة التي قامت بإجراء تعديلات على طائرات رجال الأعمال لأغراض جمع المعلومات الاستخبارية لصالح سلاح الجو البريطاني".
وزعمت أن "اسم اسرائيل غاب تماما عن مئات آلاف الكلمات التي وصفت الصفقة بشكل مفصل، وذكرها الوحيد كان في وثيقة واحدة مصدرها سويسرا، وهو يصف تركيبة "إي.جي.تي"، ويذكر فيها أن كوخافي هو إسرائيلي يبلغ من العمر (57 عاما) وهو من مواليد حيفا".
ونبهت إلى أن "لدى كوخافي أعمالا مختلفة في الصناعات الأمنية والإنترنت والملتيميديا والاتصال وفي مجالات أخرى مختلفة، وهي تتراوح بين المجال العلني والتجديدي والسري، بصورة تخدم الهالة التي خلقها حوله".
وأشارت إلى أن "تطوير الطائرات لصالح الإمارات ليس مشروعه الأول في الدولة، فقد وقف كوخافي من وراء مشروع حماية منشآت بنى تحتية في أبو ظبي، كما أن منصة الذكاء الصناعي لـ "إي.جي.تي" التي اسمها السري هو "وزدام" (الحكمة) حللت صورا ومعلومات من المنشآت".
وتابعت: "كما أن كوخافي لم يقم بإخفاء حقيقة أنه هو ومعظم تكنولوجيا شركته والكثير من موظفيه يأتون من إسرائيل"، مشيرة إلى أن "كوخافي لم يتطرق إلى الأسئلة التي أرسلت له، والتي تتعلق بصفقة الطائرات".