قائمة الموقع

الدافعية للقتال ... مسمارٌ في نعش الاحتلال ..

2019-08-25T12:12:00+03:00
الدافعية للقتال ... مسمارٌ في نعش الاحتلال ..
جبريل جبريل

خَلُصَ علماء النفس العسكري إلى أنه من المهم أن يتسلح كل جندي بروح معنوية عالية، لأنها حالة من الحالات النفسية التي تتميز بتعزيز الشعور بالثقة في الجماعة، وبثقة الفرد بدوره فيها، وينظر إلى الروح المعنوية، كمصدر قوة، تدفع الفرد إلى الثبات والاتزان والشجاعة والصمود بوجه العدو، وإنجاز المهام على أكمل وجه، فالجندي الذي يتحلى بمعنويات عالية، لا يخشى الاستجابة لأي تكليف عسكري.

إن هذه الكلمات الثلاث (الروح المعنوية العالية) حسب اعتقادي هي عبارة عن مقدمة لتكوين الدافعية للقتال ليس فقط عند المقاتلين بل عند أي أمة ...
وكلما خبت هذه الروح ذهب معها شيء من الأمة أو الدولة، وعندها ينطبق عليها قول الرافعي “يموت الحي شيئاً فشيئا؛ وحين لا يبقى فيه ما يموت، يُقال: مات"”
وهذا ما يحدث الآن بالمجتمع الصهيوني ..  كيف ؟!! 
إن من أحد أهم مبادئ الحرب عند دولة العدو الصهيوني هو مبدأ "الروح القتالية"، ودعونا نقول أن جميع جيوش العالم تهتم بهذا المبدأ لأنه مبدأ أساس في تحقيق النصر، لكن عند دولة العدو يعتبر هذا المبدأ الشغل الشاغل لجميع المؤسسة العسكرية لكيان العدو، وذلك بسبب خصائص المجتمع الصهيوني الذي أصبح لا يتقبل الخسائر في الأرواح ويقدم حياة الرفاهية على المكابدة. ومما زاد الطين بِلة هو أن مبدأ "الروح القتالية" أصبح ذا أهمية أكبر من ذي قبل لكيان العدو وذلك بسبب اختلاف التهديدات والظروف المحيطة به، خاصة من خلال اختلاف شكل العدو المُهدِّد لهذا الكيان، حيث أجبر العدو الصهيوني إلى الدخول بالحرب المحدودة - والتي من خصائصها معركة الوعي- وأيضا الدخول في حرب العصابات التي فرضتها عليه المقاومة الفلسطينية واللبنانية، حيث تحتم عليه الدخول في قتال المناطق المبنية وهذا النوع من المعارك يُعرف على مستوى جميع الجيوش بشراسته، ويعد من أكثر المعارك استنزافا للمقاتلين من حيث القتلى والإصابات والضغط النفسي والبدني، ويتطلب عدة عوامل وعناصر من أجل تحيق النصر، وأهمها وجود الروح القتالية العالية لدى المقاتلين، لأنه يتوجب عليهم القتال والإلتحام عن قرب، بالإضافة إلى أنه يتطلب مهارات قتالية عالية.

تلقى العدو الصهيوني ضربات عدة جعلت الدافعية للقتال لدى مجتمعه ومقاتليه تتدنى شياً فشياً فكان من أهم تلك الضربات حرب لبنان عام2006، وكان قبلها الانسحاب الذليل من جنوبه والهروب من غزة، وكذلك حرب 2014 على قطاع غزة، فجاؤوا بأيزنكوت وخُطط لا حصر لها لترميم الروح القتالية لدى المقاتلين وحتى الساسة الذين أصبحوا لا يثقون بسلاح البر، فقام أيزنكوت بالتركيز في خططه على ترميم الألوية المقاتلة من خلال الحوافز والامتيازات التي يقدمها الجيش والدولة للجنود والضباط المقاتلين في ساحة المعركة ورفع الرواتب والدرجات والامتيازات في الترفيه، التعليم، والسفر...إلخ بالإضافة إلى تكثيف التدريبات والتي بدورها تمنح المقاتلين الثقة بأنفسهم وعتادهم، ورغم كل هذا لم يجرؤ الدخول في مواجهة على أي جبهة، وأيضا مازالوا مختلفين في إحصاء الخسائر اذا ما دخلوا في مواجهة مع غزة.

إن تدني الدافعية للقتال لدى العدو لم تأتي فقط نتيجة ضربات المقاومة، فنحن نتحدث عن مجتمع يجب أن نقرأه من جميع جوانبه، مجتمع بدأ فتيا يبحث له عن مجد على أنقاض مجتمعات عربية سادها الضعف العسكري والعلمي...إلخ و لنا في "نظرية عمر الدولة" لمؤسس علم الاجتماع ابن خلدون قراءة أخرى في تدني الدافعية للقتال لدى المجتمع الصهيوني، فهو يقول في أحد فصول كتابه "مقدمة ابن خلدون" أن للدولة عمر يشبه عمر الإنسان، وقسم هذا العمر إلى ثلاثة أقسام أو أجيال
فقال عن صفات
الجيل الأول:" تكون لديه الخشونة و شظف العيش والاشتراك في المجد، وحَدّهم مرهف وجانبهم مرهوب والناس لهم مغلوبون.
أما الجيل الثاني فيبدأ يتحول من الشظف إلى الترف ومن الاشتراك في المجد إلى انفراد الواحد به، ومن عز الاستطالة إلى ذل الاستكانة، فتنكسر سَوْرتهم بعض الشيء وتؤنس منهم المهانة والخضوع .
وأما الجيل الثالث فينسون عهد الأوائل والخشونة كأن لم تكن، ويفقدون حلاوة العز والسَّورة ويبلغ فيهم الترف والجبن.

 صحيح ... (لكل أجل كتاب) 

هل بإمكاننا أن ندعّم هذا الكلام أكثر؟! نعم ....
قال "يسرائيل طال"-قائد عسكري في جيش الاحتلال- : هناك علاقة مباشرة بين مستوى أهمية المصلحة الوطنية كما يفهمها الشعب وبين استعداد أبنائه لدفع ثمن الحرب من أجلها". وهنا يقصد المجتمع الصهيوني.
لذا فإننا نجد أن التغيرات التي حدثت على المجتمع الصهيوني (الجيل الثالث من وجهة نظر ابن خلدون) وفي مقدمتها انخفاض نسبة تحمل وقوع خسائر خلال المعارك، أثرت على القيادة في كيان العدو وعززت الرؤية التي تتبنى استخدام القوة (سياسة الأرض المحروقة) على حساب المناورة (القتال البري).
وبهذا نجد أن الدافعية للقتال لدى مجتمع العدو أصبحت في مستويات متدنية، وبالمقابل تجد ارتفاع لمستوى الدافعية

للقتال عند الطرف الآخر (المقاومة)، ومن نزل الميدان يسمع لسان حالهم يقول "لا ترحلوا عن أرضنا، بل ابقوا لنذبحكم".

هذا لا يعني أن العدو لن يحارب، أو أنه لن يقوم بزج القوات القتالية في الحرب القادمة، والتي سيكون حتما مضطرا لها لا راغبا فيها، لكننا سنكون حينها أمام فرصة مصيرية لكسر الروح القتالية له وإلى الأبد، ونحن نرتل قول الله عز وجل:
(وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا* فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا* فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا...).

اخبار ذات صلة