م. معين نعيم – تركيا
في لحظة من اللحظات تتداخل الصور والموقف في ذهني لدرجة أنني ابدأ بالتساؤل عمن هو صاحب القضية الفلسطينية الحقيقي والمدافع عنها أهو من يدعي انه رئيس للشعب الفلسطيني ويتخذ هو وممثليه وقيادة حركته المواقف ويتخذ القرارات التي كلها خلاف أهواء ورغبات الشعب بل إن الشعب يعتبر من يتخذها خائن للدين والوطن أم ذلك الرجل التركي الذي ينافح عن فلسطين والفلسطينيين في كل محفل وكأنه يقول إن فلسطين أرض لها شعب أصيل نافح عن شرف الأمة الإسلامية بل وعن شرف كل أحرار العالم ولكنه لا يملك من يدافع عنه أمام العالم فتحمل هو وحكومته هذه المهمة وأذكر بعضا منها ليتضح الفرق لدى القارئ...
فقد رأى العالم أجمع التسجيل المصور الذي سربته حماس للإعلام بعد السيطرة على قطاع غزة حين كان يدعو السيد محمود عباس رئيس حركة فتح قيادة الأجهزة الأمنية التابعة له في غزة (قبل سيطرة حماس عليها) بأن يذبحوا كل من يحمل صاروخا وأن يطلقوا عليه النار دون تردد وفي نفس الفترة بل وقبلها حتى في تعليقه على اتهام الاحتلال للمقاومة الفلسطينية بأنها إرهابية قائلاَ " ... إن من يقتل منهم يوميا الأطفال والنساء والشيوخ وحتى العلماء والمرضى وحتى الشيخ المشلول أحمد ياسين لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم والإرهاب الحقيقي إرهاب الدولة التي تدعي الديمقراطية والإنسانية وتفعل كل هذا إن ما تفعله إسرائيل هو إرهاب دولة..."
وموقف آخر بدا فيه التناقض بين المستشارين للرئيسين حين ظهر أحد مستشاري رئيس حركة فتح محمود عباس والذي أترفع عن ذكر اسمه حين قال إن حماس هي المسئولة عن إشعال الحرب في غزة وعليها أن تتحمل العواقب وحملها مسؤولية ما يحدث للناس في غزة من قتل من قبل آلة الحرب الصهيونية وعلى النقيض فإن مستشار السيد أردوغان أحمد داوود أوغلو(وزير الخارجية الحالي) كان أول من تحرك ليوقف الحرب على غزة وعمل المكوك بين دمشق ومصر وحتى تل أبيب وقد حمل رأيه الواضح حين قال إن من حق من يحاصر ويقصف بالمدافع والطائرات أن يقاوم وعلى إسرائيل! أن توقف هجماتها وترفع الحصار ليتسنى للمقاومة أن توقف هجماتها بالصواريخ المحلية حتى أتهمه خصومه السياسيين في أنقرة بأنه أصبح الناطق الدولي باسم حماس..
ومن المواقف الشهيرة التي أتذكرها موقف السيد محمود عباس الرافض لحضور قمة الدوحة التي عقدت خصيصا لأجل بحث الحرب الصهيونية على غزة رغم المساع الحثيثة التي بذلتها دولة قطر الشقيقة وأميرها ولكنه رفض بكل صلف بحجة أنه لن يسمح له بذلك من قبل القوى التي تسيطر على قراره بينما تحدى رجب طيب أردوغان كل الآداب والبروتوكول المتبع في مخاطبة الرؤساء حتى هاجم شمعون بيريس في موقفه البطولي في مؤتمر دافوس واتهمه ودولته بأنها دولة إرهاب وإجرام وأنهم لا يجيدون شيئا إلا الإرهاب والقتل والتضليل على العالم هذا الموقف الذي جعل منه فاتح قلوب المسلمين وخليفة السلاطين العثمانيين العظام في نظر أبناء شعبه وأحرار العالم أجمع ..
وآخر المواقف التي سأذكرها موقف السيد رجب طيب أردوغان في الأمم المتحدة قبل أيام حين وقف صارخا في وجه العالم والأمم المتحدة أجمع بأن ما يحدث في فلسطين من ظلم وعدوان وحصار لغزة هو قم الإجرام الذي يجب أن يوضع له حد وأن ما تفعله إسرائيل!! هو جرائم حرب ضد الإنسانية وطالب بقرار دولي لوقف الحصار عن غزة وفي نفس الأمم المتحدة وقف ممثل محمود عباس مؤيدا ولأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية لموقف إسرائيل ضد موقف ماليزيا وقطر وتركيا وبعض الدول العربية والإسلامية الأخرى حين تقدمت هذه الدول مطالبة بقرار دولي يجبر إسرائيل على رفع الحصار عن غزة والسماح بإعادة الإعمار لما دمره الاحتلال مباشرة بعد الحرب على غزة ودافع عن قراره بأنه لا فائدة من قرار لن تنفذه إسرائيل وكأنه يخشى من أن تقع إسرائيل في إحراج عدم تطبيق قرارات الأمم المتحدة لعلها تعطيه بعضا من حقوق الشعب مقابل هذا الموقف الشهم !!!
وبعد كل هذه المواقف أتساءل من هو صاحب القضية الفلسطينية الحقيقي أهو أي فلسطيني حتى ولو كان أمريكي الهوى صهيوني المراد وقد شاهدنا منهم الكثير الذين كانوا يحتفلون بذكرى سقوط فلسطين 48 بالرقص الشعبي وضرب الكؤوس وملء الرؤوس ويبكون على ضياع القدس بغناء الفتيات ممشوقات القوام ورقص أخريات على روح القضية وينعون الرئيس الراحل أبو عمار بالرقص على أنغام الموسيقى ....
أم أنه ذلك التركي المنشأ فلسطيني الهوى وقدسي الفؤاد ذلك الرجل وأمثاله الذين بكت عيونهم دما لما رأوه من ظلم أنساهم بروتوكولات اللقاءات الرسمية حتى أنهم وضعوا مصالح بلادهم على المحك وواجهوا دولة الغصب الصهيونية وأزلامها في الغرب رغم كل التهديدات وناصروا فلسطين وشعبها في كل المحافل الدولية أولائك الرجال الذين كانوا في مقدمة شعوبهم في المظاهرات المناصرة لغزة وفلسطين أم هم القيادات التي كانت تحتفل بضرب غزة مع الصهاينة أعتقد أن السؤال لا يحتاج للتفكير والبحث كثيرا ...ففلسطين هي قضية يتبنها الكرام فترفعهم فلسطين فوق رفعتهم ويخذلها الجبناء فتفضحهم خيانتهم على رؤوس الأشهاد ولنتذكر معا كيف فضح وزير خارجية العدو الصهيوني كبير المفاوضين (يمثل نفسه وزبانيته فقط) حين أفشى سر تهنئته له بالعبرية بالسنة العبرية الجديدة وكذلك فضحهم بأنهم طلبوا منهم الاستمرار في الحرب على غزة حتى إخضاعها لسيطرتهم ..
وأخيرا فقد قرأت فيما قرأت أن اجتماعا أمنيا تم بين قيادات فتحاوية في واشنطن مع قيادات أمريكية وإسرائيلية للتشاور حول تأجيل القرار الذي سيصدر عن الأمم المتحدة بناءا على تقرير لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والذي هددت إسرائيل المحتلة بسببه القاضي وابنته وقد دار الحديث حول وقوف ممثل سلطة عباس مع الكيان الصهيوني ضد القرار وإلا سيفضح الكيان شريطا مرئيا وآخر مسموعا الأول يظهر السيد الرئيس عباس وهو يطالب أولمرت بعدم التوقف وأن حرب غزة على وشك انتهاء بسقوط حماس والآخر لاتصال هاتفي بين الطيب عبد الرحيم وأحد قيادات أركان الجيش المحتل تطالبه بدخول مخيمي الشاطئ وجباليا الذين وردته أنباء عن جاهزيتهما للاحتلال وبأنه بذلك سيسقط غزة في يده وقد قرأت الخبر قبل طلب ممثل السلطة تأجيل القرار إلى شهر مارس 2010 وهو ما كان يتمناه الكيان الصهيوني للتخلص من هذا المأزق .. ومن هذا المقام أناشد القيادة الحقيقية للشعب الفلسطيني وهم أحرار العالم وأناشد أصحاب القضية الأصلاء السيد أردوغان وأمثاله بأن يتصدوا لهذا المخطط ويسعوا لإحقاق الحق للشعب المذبوح والذي لا يبني آماله على قيادة باعته في سوق النخاسة إنما على قيادة أصيلة مثلكم تتحمل كل شيء من أجل فلسطين .