لا شك أن الانتخابات الإسرائيلية الحالية هي الأكثر شراسة عن سابقاتها وحملت الكثير من المفاجآت، لكن المؤكد أن الصراع هذه المرة على وجه الدولة وليس على الحقائب الوزارية والمنافسة الأقوى ليست بين الأحزاب وإنما بين المعسكرات التي يرغب كل منها في السيطرة على الحكومة القادمة.
نتائج الانتخابات غير الرسمية حتى الآن تقول أن هناك تعادلا بين حزبي الليكود وأزرق أبيض (32-33 مقعد لكل منهما)، وتعادلا بين كتلة اليمين وكتلة الوسط-يسار (55-56) مقعد لكل منهما، بينما حصلت القائمة المشتركة (العربية) 12-13 مقعدا (محسوبة على كتلة الوسط-يسار) وحزب (إسرائيل بيتنا) بزعامة ليبرمان 10 مقاعد.
النتائج الأولية تشير إلى أن المشهد في الانتخابات لم يحسم الصراع على الحكومة وإنما يفتح الباب أمام العديد من السيناريوهات، لكن من الواضح أن نتنياهو أبرز الخاسرين من الانتخابات بعد سقوط أحزاب يمينية كان يعول عليها لتشكيل ائتلافه الحكومي وارتفاع عدد مقاعد حزب ليبرمان من 6 إلى 10 ما يعني أن قدرة الأخير على التأثير على الحكومة القادمة ستصبح أكبر وسيبقى هو بيضة القبان بين المعسكرات.
المفكر العربي والخبير في الشؤون السياسية عزمي بشارة قال "قد يخسر نتنياهو الانتخابات شخصيا لكن معسكر اليمين ما زال أغلبية وأستغرب ممن يضع ليبرمان في الوسط".
وتابع عبر صفحته على الفيسبوك "سوف يسعى غانتس إذا كُلّف إلى تشكيل حكومة وحدة مع الليكود بدون نتنياهو، هذا خياره الأول، والثاني شبه مستحيل فالأصوات العربية أصلا غير مضمونة له، فضلا عن الجمع بينها وبين ليبرمان".
وأكد أن العسكرية الإسرائيلية العلمانية أقل ديماغوغية وأكثر واقعية أحيانا من اليمين المتحالف مع المستوطنين، ولكنها ليست ضد الاستيطان ولا تدعم حلا عادلا لقضية فلسطين، ربما تكون أكثر اعتدالا في الموقف من السلطة الفلسطينية وليس في الموقف من قضايا الحل الدائم.
المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات قال إنه مهما كانت نتيجة الانتخابات الإسرائيلية النهائية فإن أياً من الكتلتين الكبيرتين (الليكود/ أزرق أبيض) لن يستطيع تشكيل أي حكومة دون ليبرمان، ولذلك وفق هذا المعطى، يعتبر الآن هو الفائز الأكبر في هذه الجولة، كما في الجولة السابقة.
ووفق الديمقراطية الإسرائيلية، فإن الحزب الأصغر هذا (إسرائيل بيتنا) يحدد مصير جميع الكتل، ويقرر مصير هذه الدولة، وهو من يفرض الأجندة التي يريدها، وهو الذي يقترح كيف ستكون التركيبة الائتلافية والحكومية القادمة، وفق هذه الديمقراطية، فإن 111 مقعدا تلقى في سلة المهملات، ويذهب قرار كل من صوت لهذه المقاعد إلى نفس السلة.
في منتصف الليل كرر ليبرمان الشرط الذي حدده قبل الانتخابات: هناك خيار واحد فقط - حكومة (إسرائيل بيتنا)، الليكود وأزرق أبيض".
وبمجرد تكليف أحدهم بتشكيل الحكومة، سيكون أمامها 28 يومًا لإكمال المهمة، ويمكن بعد ذلك أن يطلب من الرئيس تمديدا لمدة تصل إلى 14 يومًا، لقد أوضح ريفلين بالفعل أنه لن يتم منح هذا التمديد تلقائيًا.
وحول احتمالات تشكيل الحكومة قال أحمد الفليت المختص في الشأن الإسرائيلي قال: " الخيار الأول هو تشكيل حكومة يمينية بمشاركة ليبرمان (سواء برئاسة نتنياهو أو شخص آخر من الليكود) ويكون لديها أغلبية 65-66 مقعدا".
والخيار الثاني هو حكومة وحدة وطنية بين الليكود وحزب أزرق أبيض بأغلبية 65-66 مقعدا، مع تبادل رئاسة الوزراء.
والخيار الثالث هو أن حزب أزرق-أبيض لن يتمكن من تشكيل حكومة وسط-يسار، لأن القائمة المشتركة وحزب (إسرائيل بيتنا) لن يلتقيا في ائتلاف واحد، وهذا الأمر عهد قطعه ليبرمان على نفسه، وحزب أزرق-أبيض يحتاج لهما معاً لتشكيل حكومة.
وستتضح الأمور بعد 6 أسابيع على الأقل وهي المدة التي يمنحها رئيس الدولة لزعيم الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد لتشكيل ائتلاف.