شعور بالراحة في أوساط قيادة السلطة الفلسطينية مع قرب انهيار أسطورة نتانياهو وسيطرته على رئاسة الحكومة لأربع ولايات.
ومع تقدم حزب "أبيض أزرق" برئاسة بيني غانتس تعتقد السلطة الفلسطينية بوجود فرصة مهمة لديها للعودة للمفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي في حال شكل غانتس الحكومة الجديدة، بعد أن قضى اليمين على كل فرص للمفاوضات وقيام دولة فلسطين.
ارتياح السلطة سرعان ما ترجمته من خلال خطاب وزير خارجيتها رياض المالكي أمام مجلس الأمن، حيث عرض استئناف المفاوضات الثنائية مع دولة الاحتلال، وهو ما يعني استمرار تمسك السلطة بنهج أوسلو الذين مر عليه 26 عاماً دون أي تقدم على الصعيد السياسي الفلسطيني وإنما كانت نتائجه عكسية بحيث أدت إلى إعطاء الاحتلال فرصة السيطرة على الأرض، وفرض أمر واقع يستحيل معه قيام دولة فلسطينية.
اللافت أن خطاب المالكي يأتي كتجاوز كبير لقرارات المجلسين الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والتي اتخذت أكثر من مرة وتطالب بمراجعة الاتفاقيات مع الاحتلال، ما يؤكد عدم جدية السلطة في تغيير نهجها السياسي في التعامل مع الاحتلال.
وقد أدانت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ما جاء في خطاب وزير المالكي أمام مجلس الأمن، من عرض لاستئناف المفاوضات الثنائية مع دولة الاحتلال، واعتبرت بأنه تجاوز مكشوف وفظ لقرارات الشرعية الفلسطينية، متمثلة بقرارات المجلس الوطني (أعلى سلطة في م. ت. ف) في دورته الـ 23، وتأكيد بالمقابل على أن السلطة الفلسطينية وقيادتها مازالت تراوح مكانها تحت سقف أوسلو البائس والفاسد.
وأضافت الجبهة في بيان صحفي إن مناورة وزير خارجية السلطة الفلسطينية في الحديث عن قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي لم تنجح في تغطية انزلاقه مرة أخرى للدعوة إلى ما يسمى "حل قضايا الوضع الدائم"، و"خارطة الطريق"، و"مرجعيات مدريد"، وهي كلها تجارب فاشلة، مضى عليها أكثر من ربع قرن، في إطار اتفاق أوسلو، ولم تورث شعبنا سوى الكوارث والنكبات، بما في ذلك كارثة تغول الاستعمار الاستيطاني، وتهويد القدس، ومشاريع (إسرائيل) الكبرى"، وقيود التنسيق الأمني، والتبعية الاقتصادية المذلة لدولة الاحتلال.
صحيفة مقربة من اليمين الإسرائيلي، قالت إن قيادة السلطة الفلسطينية تفضل الجنرال بيني غانتس على رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، لتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة.
ونوهت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية، إلى أن "الموقف الرسمي للقيادة الفلسطينية في رام الله أن حزب الليكود وحزب "أزرق أبيض" هما الشيء ذاته، ومع ذلك فقد اعترف مسؤول كبير في مكتب رئيس السلطة محمود عباس، بأن القيادة الفلسطينية تفضل غانتس وقائمة أزرق أبيض في رئاسة الحكومة".
وذكرت الصحيفة أن هناك أملا فلسطينيا في أن تقود حكومة جديدة في (إسرائيل) إلى تحقيق تقدم في العملية السياسية وإنجازات دبلوماسية للفلسطينيين على الساحة الدولية، من خلال استغلال عدم وجود خبرة سياسية لدى غانتس ومعظم رجاله".
وقدر "مسؤول كبير" في منظمة التحرير الفلسطينية، أن "تغيير الحكومة الإسرائيلية قد يؤدي إلى فحص إضافي لخطة السلام الإقليمية التي تعدها الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب (صفقة القرن)، والتي تتكيف مع مصالح حكومة نتنياهو، ومن المرجح أن يتم رفضها إذا خسر نتنياهو والحزب اليميني".
ويمكن القول إن سياسة حزب الجنرالات في حال نجح في تشكيل الحكومة لن تختلف عن سياسة اليمين في التعامل مع الملف الفلسطيني وخاصة قضايا الحل النهائي التي أسقطتها دولة الاحتلال من حساباتها وباتت تعمل برؤية السيطرة والاستيلاء وفرض الوقائع، فالإجماع الوحيد لدى دولة الاحتلال في المزيد من السيطرة على الأرض والتهويد.
وتأتي نقطة الاحتلال في قضايا ثانوية مثل التعامل مع السلطة حيث يرى حزب أبيض أزرق أنه من الضرورة المحافظة على وجود السلطة وتخفيف الضغوط المالية والسياسية عنها خشية الانهيار، لكن من المستبعد أن يدخل غانتس في مفاوضات معها في حال وصل لرئاسة الحكومة فهو بحاجة للمحافظة على الائتلاف، حيث أن جميع الأحزاب الإسرائيلية باتت ترفض فكرة المفاوضات مع الفلسطيني وترى أنه لا يوجد شريك يمكن التعامل معه حتى في ظل وجود أبو مازن الذي قدم ما لم يقدمه أحد للاحتلال.