قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: لماذا دعوى الطاعة ؟

صورة "أرشيفية"
صورة "أرشيفية"

غزة - الرسالة نت

المحامية: نسرين عوكل

في تمام التاسعة صباحا وتزامنا مع افتتاح المجلس الشرعي للنظر في القضايا المعروضة على قضاة المحكمة الشرعية، وقفت امرأة امام احدى القاعات  مرتدية روب المحاماة  الخاص بي استعدادا للمرافعة ،لمحتها تنظر لي بحيرة وكأنها وجدت ضالتها، امرأة في منتصف العشرينيات ذات قوام ممشوق ،ووجه ابيض طمست جمال ملامحه اثار حزن عميق ،عينان زرقاوان اغرورقتا بالدموع فانطفأت لمعتهما ،.بادلتها النظرة بابتسامة هادئة حانية ،اقتربتُ منها ربتُ على كتفها قائلة :كيف حالك هل تريدين شيء؟!

وكظمآن وجد ينبوع ماء فاسرع يوردها، انفجرت باكية متسائلة ،لماذا دعوى  الطاعة ؟ !هل هي ترسيخ لثقافة سي السيد بتأصيل شرعي وقانوني ؟ لماذا يفعل بي كل هذا ؟هل يريد حل خلافاتنا الزوجية ؟ ام يريد إهانتي وإجباري للعودة اليه ؟ أخبرته كثيرا أنى لا اتحمل العيش معه ، فهل سيتمكن من الحصول على حكم كوني الحلقة الاضعف؟ 

قاطعها صوت حاجب المحكمة يناديني فقد حان موعد نظر ملف قضيتي ، فارقتها قائلة: لا تقلقي، فسأعود لك فور انتهائي  فانتظريني؟

وفور انتهائي عدت حيث تركتها في قاعة الانتظار فلم  أجدها بحثت عنها، لكن دون جدوى ،جلستُ أتأمل حال الكثيرات غيرها بمختلف قضاياهن ، فاختلج نفسي سؤال، هل اصبح الزواج لدى العديد معركة حربية ذات اطراف متعادلة القوى حينا ومتفاوتة حين اخر يسعى فيها كل طرف منهما لينتصر على الاخر او يقهره؟! ألم يقل سبحانه وتعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً  )

فيسكنان لبعضهما البعض بكل حب ومودة ورحمة التي تنساب برفق فيكون نتاجها بيوت واسر وتنشا روابط جديدة تعززها مشاعر انسانية رفيعة، وليست قتالاً ، وصدق القائل *روحها روحي وروحي روحها *ولها قلب وقلبي قلبها *فلنا روح وقلب واحد*حسبها حسبي وحسبي حسبها*

وبالعودة لقصة تلك الحسناء ودعواها، نجد عزيزي القارئ دعوى الطاعة  كما يرى الدكتور حسن الجوجو رئيس المجلس الاعلى للقضاء  الشرعي  مكتسبة من قوله تعالى {وأسكنوهن من حيث سكنتم } [الطلاق: 6]

فالمسكن كما يرى هو حق من حقوق الزوجة وليس اهانة لها لأنه موجود في عقد الزواج ثبوت المهر والنفقة ، والبيت من النفقة حسب حال الزوج وامثاله.

 اما سندها القانوني فقد تضمنته المواد.

 39/40 من قانون حقوق العائلة وقانون الاحوال الشخصية، وعليه فان المرأة تكون ملزمة بطاعة زوجها وهو ملزم بتوفير المسكن الشرعي .

ولكن دعوى الطاعة لها شروط أولها أن تكون ذمة الزوج خالية من حقوق المرأة المادية من مهر معجل وتوابعه (عفش البيت)، كما يلزم بتوفير مسكناً شرعياً صالحاً للسكن متوفر فيه جميع اللوازم الضرورية ، تأمن فيه الزوجة على نفسها بين جيران صالحين ،وألا يسكن  معها غيرها من أهل الزوج أو ضرتها أو ابنه المُمَيِز ،والا كان مسكنا غير شرعياً ،ليس هذا فحسب، فلإثبات شرعية المسكن يخرج مندوبان من المحكمة برفقة وكلاء المدعى والمدعى عليها ويعدان تقرير كشف المسكن الذى ينظر فيه من قبل القضاء والخبراء لتقرير  شرعيته او عدم شرعيته ،بعد أن يتلي التقرير على المدعيين أو وكيليهما، وإلا يكون باطلاً .

إن المرأة  في دعوى الطاعة  تستطيع دفع الدعوى بإثبات أن زوجها يؤذيها ،وأنه غير أمين عليها، وقد توقف الدعوى بدعوى التفريق للشقاق والنزاع لحين البت فيها ،والزوجة في دعوى الطاعة تؤمر ولا تُجبر بتنفيذ الحكم بقوة جبرية، لكنها إن امتنعت عن التنفيذ اصبحت في نظر القانون ناشزا لا تستحق النفقة، وبالتالي  يستطيع الزوج أن يرفع دعوى قطع النفقة ،أما عن مصير الزوجة ، فإما معلقة ،وإما مطلقة مقابل الإبراء العام لزوجها من كافة حقوقها .

ويبقى السؤال لماذا دعوى الطاعة؟ هل هي وسيلة للصلح ام وسيلة تهان بها المرأة لكونها الحلقة الاضعف.

البث المباشر