قائمة الموقع

مأزق الانتخابات الإسرائيلية ينذر بتصاعد الأزمة المالية للسلطة

2019-09-28T12:15:00+03:00
نتنياهو
الرسالة نت - شيماء مرزوق

يدفع الجانب الفلسطيني ثمنا كبيرا للأزمة السياسية الداخلية لدى الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة السلطة الفلسطينية التي تعاني من أزمة مالية واقتصادية خانقة، نتيجة رفضها استلام أموال المقاصة من الاحتلال بعد قراره خصم رواتب الشهداء والأسرى.

ومع تزايد أمد أزمة الاحتلال الداخلية تتزايد المخاوف لدى السلطة من طول أمد أزمتها المالية، حيث تدرك السلطة أن عدم تشكيل حكومة مستقرة لدى الاحتلال يعني المزيد من الضغوط عليها، وربما هذا ما دفع وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ بطلب لقاء عاجل مع وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، لبحث أزمة السلطة الاقتصادية الخانقة.

وكشف باراك رابيد معلق الشؤون السياسية في القناة 13 الإسرائيلية، أن اتصال الشيخ جاء بعد أن طالت فترة الأزمة الاقتصادية، الناتجة عن احتجاز (إسرائيل) لأموال الضرائب والتي كانت تأمل السلطة بحلها بعد الانتخابات الإسرائيلية الماضية، لكن الآن أصبح لدى السلطة قلق من ذهاب (إسرائيل) إلى انتخابات ثالثة.

ومع احتدام الأزمة الداخلية وتخوفات من فشل كل من نتنياهو وبيني غانتس في تشكيل حكومة فإن (إسرائيل) تتجه نحو انتخابات ثالثة ستكون ضربة قوية للسلطة التي تعتبر الطرف الأكثر تضررا وتزيد (إسرائيل) من الضغوط الممارسة عليها لكسب أصوات اليمين.

ويعتبر اجتماع الشيخ الرابع بين مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين لبحث الازمة المالية للسلطة حيث عقدت عدة اجتماعات سابقة حضر بعضها وزير المالية شكري بشارة بهدف إيجاد حلول بديلة لإنهاء أزمة المقاصة وزيادة إيرادات السلطة لمنع انهيارها المالي.

وأيا كانت نتيجة الاجتماع المزمع عقده بين كحلون والشيخ فإنها لن تنهي الأزمة طالما لم يتفق الطرفان على صيغة مناسبة لتسليم أموال المقاصة، وإلا فإن باقي المقترحات ستكون أشبه بمسكنات مؤقتة، مثل ما توصل له الطرفان سابقاً عبر توريد المحروقات للسلطة دون ضريبة البلو، ما وفر لخزينتها ما بين 200-250 مليون شيقل شهرياً، وهي تشكل ثلث أموال المقاصة المحتجزة".

رجا الخالدي الباحث في التنمية الاقتصادية قال إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "رسم خطاً على الرمال" في رهانه بأن (إسرائيل) ستُجبر بطريقة أو بأخرى، سياسية أو ديبلوماسية أو أمنية، على التراجع عن اقتطاع مبلغ 138 مليون دولار سنوياً من أموال الضرائب الفلسطينية الشرعية.

وتابع في مقال له "ربط بعض المراقبين هذا الموقف بتوقع قيادة السلطة حدوث تغيير سياسي في (إسرائيل) بعد انتخابات شهر يونيو، أو في الجولة الثانية منها خلال الشهر الحالي، وبافتراض أن المالية العامة الفلسطينية تحملت مثل هذا التجميد في تحويل أموال المقاصة في الماضي لمدد تراوحت بين 6 - 12 شهراً، لكن الوضع اليوم ليس كما كان في 2006 أو 2012، حين كانت هنالك عملية سياسية جارية، وكان من الممكن تسوية مثل تلك المشاكل العابرة من خلالها.

وشدد الخالدي على أن "أزمة المقاصة" أصبحت بمثابة الفتيل البطيء الذي قد يشعل ليس فقط قنبلة إفلاس مالي للسلطة الوطنية وانهيار اقتصادي أشمل، بل إنها تشكل منعطفاً جذرياً في الرؤية الفلسطينية تجاه العلاقة الثابتة منذ 1993 بين م.ت.ف. و(إسرائيل)، وبين الاقتصادين الإسرائيلي والفلسطيني.

ولفت الخالدي إلى أن الأزمة لن تتوقف عند الحكومة ولكن بدأت تطال قطاع الأعمال الخاص والقطاع المصرفي الذي وصلت تسهيلاته للحكومة إلى سقف الإقراض الممكن (تسهيلات مصرفية إضافية حتى يونيو 2019 بـ 250 مليون دولار، يضاف إلى ما يقارب 1.3 مليار دولار من الدين العام المحلي المتراكم حتى نهاية 2018). وهذا يضاف إلى المتأخرات المتراكمة لدى الحكومة لصالح موردي القطاع الخاص، التي وصلت إلى حوالي 480 مليون دولار بنهاية 2018، ومع تسديد جزء منها فيما بعد، ثم تراكمت متأخرات جديدة بحوالي 230 مليون دولار خلال النصف الأول من 2019.

ويضيف بأنه حتى الآن فإن القطاع المصرفي استطاع أن يتحمل عبء مديونية القطاع العام، ويسهل أمر الأسر المعتمدة عليه لتأمين دخلها الثابت، كما استطاع القطاع الخاص تحمل عبء المتأخرات، وما زالت عجلة الاقتصاد تدور، وإن بصعوبة وحذر.

واعتبر أن ذلك مؤشر على أن الحالة الراهنة قد تطول لبعض الأشهر الإضافية قبل أن تتحول إلى أزمة مصرفية مالية أو اقتصادية أوسع.

اللافت هنا أنه بينما كان القطاع العام - منذ أكثر من 10 سنوات - هو المولد الرئيسي للنمو والطلب الإجمالي، بات اليوم ركيزة ديمومة الاقتصاد والملاذ الأخير لصموده في مثل هذه المواجهة الصعبة.

ويبدو أن قيادة السلطة صعدت على الشجرة دون أن تترك لنفسها سلماً للنزول عنها، خاصة بعد رفضها "الحلول التقنية" التي طرحتها جهات دولية وإسرائيلية للالتفاف على مشكلة اقتطاعات المقاصة مع حفظ ماء وجه الطرفين، لكن ما زالت السلطة تراهن على حسابات الطرف الآخر أو التغيير في الخارطة السياسية الإسرائيلية ستوصله من تلقاء نفسه إلى الإقرار بالتراجع.

اخبار ذات صلة