القوامة، كلمة جميلة، تتجلى فيها معاني رجولة الرجل في بيته وأهله من عطف وحنان وعطاء ونفقة وحماية هذا البيت والذود عنه بكل ما أوتي من قوة، ليبقى منيعاً حصيناً، لا ينهدم ولا يتأثر مهما كانت العاصفة قوية، لأنه يوجد فيه رجال يستحقون القوامة بكل جدارة، فقال الله عز وجل ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) .
إذن هنا القوامة للرجل بما فضل الله سبحانه وتعالى بعض الرجال على النساء، كالنبوة خاصة بالرجال وانتساب الأولاد لأبيهم خاص بالرجال، والمهر وصداق المرأة والنفقة خاص بالرجال، فهذا أيضاً لا ينقص من قدر المرأة ولا حقها ،فكثير من النساء تفوق الرجال بالعلم والإيمان والرأي السديد.
وأيضاً كثير من الرجال يفقدون حق القوامة على النساء بعدم النفقة على الزوجة والأولاد والاعتماد كلياً على راتبها الشهري وميراثها الشرعي ،ألا يعلم هذا الزوج المسكين أن الإنفاق على الزوجة والأولاد حق على الرجل وواجب شرعي يلزمه الإنفاق عليهم؟ ألا يعلم أن عدم الإنفاق على الزوجة يعتبر ضرر عليها وبهذا يفقد قوامته بذهاب الزوجة إلى المحكمة لطلب التفريق بسبب عدم النفقة (قضية تفريق بسبب عدم الإنفاق)؟ ألم يسمع هذا الزوج حديث النبي صلى الله عليه وسلم "عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال : يا رسول الله ، ما حق امرأة أحدنا ؟ قال : " أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في البيت " ، ألا يدري هذا الزوج أن الإسلام أعطي للمرأة ذمة مالية مستقلة عن الرجل ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع مما تكسبه من عملها أو من ميراثها ولها ثروتها الخاصة، و حق التملك والتصرف بما تملك ولا سلطان للزوج على مالها، ولا تحتاج لإذن زوجها في التملك والتصرف بمالها كله و لو حتى بالتبرع مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن "؟
يجب أن يعلم الزوج وأبوه و أمه أن مال زوجته محرمٌ عليه إلا برضاها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "إن دمائكم وأموالكم عليكم حرام "، وإذا أعطت الزوجةُ لزوجها المال على سبيل القرض (دين ) فلها أن تسترده وأن توثق هذا الدين بالكتابة، وإذا شاركت زوجها في مشروع أو بيت أو نحوهما، فحقها ثابتٌ في الشركة بمقدار حصتها من رأس المال .
كما أن خروج الزوجة للعمل لا يُسقط نفقتها الواجبة على الزوج المقررة لها شرعاً، وفق الضوابط الشرعية، ما لم يتحقق في ذلك الخروج معنى النشوز المسقط للنفقة، فإذا التزم بهذه المواثيق الشرعية والأوامر الإلهية فهو بحق وبكل جدارة يستحق القوامة، وإذا اعتمد علي مالها وأصبح شغله وعملة السهر طول الليل على الانترنت منتظراً بفارغ الصبر آخر الشهر راتب زوجته فلا قوامة له عليها.
وعندما تقول هذه المسكينة لزوجها اتقِ الله فينا، يكون الرد: أنا تزوجتك لراتبك، بهذه الكلمات طمس كل معاني الرجولة أمام زوجته ،وتبدأ المشاكل و يتدخل رجال الإصلاح، و يبدأ بتقسيم الراتب ،من أين هذا الكلام الظالم؟ الجواب العرف و العادات و التقاليد، أين مشاعر المرأة و أنوثتها و كرامتها؟ ألا يعلمون هؤلاء الرجال أن لا عرف ولا تقاليد تخالف شرع الله و أن للمرأة حقوق كما بينا في البداية ، الرد الثلث مقابل خروجها للعمل علي حساب بيتها وزجها و أولادها ، يعني الزوج لما تزوج لم يعلم إنها ستخرج للعمل و تتركه نائم في البيت ؟،نقول ما هكذا تورد يا سعد الإبل .
القوامة للرجل أم لراتب الزوجة؟
بقلم: صلاح الدينا- محكم شرعي