قطار غزة يتخطى الحصار ويدور بلا سكة حديدية

غزة - الرسالة نت

أثار قطاراً بلا سكة حديد سلك الطرقات الرئيسية في مدينة غزة، إعجاب المواطنين المحاصرين منذ أربعة أعوام، كما أنه مثل آلة ترفيه لآلاف الصغار الذين يفتقدون للملاهي والمتنزهات.

ويعتبر القطار الذي يجر قنطرتين بلون احمر، هو الأول من نوعه في قطاع غزة، لذلك تهافت حوله الأطفال طمعا بجولة محدودة برفقة المهرجين الذين يرتدون الدمى، ويوزعون الابتسامات على الجمهور.

وتشعر الطفلة أريج موسى في السابعة من عمرها، بالسعادة لركوبها القطار، وتقول: "من زمان كان نفسي أركب القطار"، مشيرة إلى أن أطفال غزة ينقصهم الكثير من القطارات والآلات الترفيهية حتى يشعروا بالسعادة التي ينعم بها أطفال العالم.

وبدت درجات القطار الصغير لا تستوعب عدد الأطفال الراغبين في صعوده، لكن الملفت أن عددا من الآباء والأمهات قد شاركوا أبنائهم فرحة ركوبه.

ويقول أبو عبد الله في العقد الثالث: "جميل أن نرى قطارا في قطاع غزة..هذا أمر يستهوي الأطفال ويخفف عنهم، لاسيما أن أطفالنا قد ضجروا القصف والدمار وساءت حالاتهم النفسية".

ويأمل القائمون على صنع القطار وهو من إنتاج (المكتب الاستشاري الهندسي في غزة) أن يصنعوا قطاراً حقيقياً يربط غزة بالقدس والضفة الغربية وباقي فلسطين، مؤكدين أنهم قادرون على ذلك.

والقطار محلي الصنع، ا يحاكي القطار الذي تصنعه الشركة النمساوية "sts fun train"، إلا أن القائمين على صناعته هم الوحيدون في منطقة الشرق الأوسط الذين صنعوه رغم قلة الإمكانات وندرة المواد الخام.

في النمسا يباع قطار مماثل بـ 173 ألف يورو وابتاعته مدينتان عربيتان شرم الشيخ وبيروت بهذا المبلغ، ولكن من صنعه بغزة مستعد لتصديره بما لا يتجاوز 50 ألف دولار أميركي، يقولون:"عليكم تزويدنا بالمواد الخام وخذوا قطاراً بمواصفات أوروبية وان لم يرق لكم أعيدوه لنا".

هذا هو ما يقوله القائمون الذين "داخوا السبع دوخات" وهم يبحثون عن قطاع الغيار والمواد الخام ويفككون ويركبون واحدة بدل الأخرى حتى أصبح لدينا ما يمكن تسميته بالقطار.

ومقدمة القطار هي جيب أميركي الصنع، جرى تحويل هيكله الخارجي بنسبة 60-70% بما يناسب الشكل النهائي لشكل القطار وهو الرأس المحرك وأضيف له بوق القطار والمدخنة كشكل فني ومن ثم أضيف للجيب مقطورتان تسيران على عجلات كالباصات.

ولا يجد المهندس حسام بدوي من المكتب الاستشاري للهندسة الميكانيكية، أية مخالفات قانونية فيما يتعلق بموضوع تغيير هيكل الجيب، مشيرا إلى انه تم الإبقاء على رمز الشركة المصنعة على البودي، وكما انه لا تجاوز قانوني في تكرار التجربة النمساوية بغزة مستدلاً على ذلك بأن الدول تصنع سيارات ذات ماركات عالمية ليست هي ذاتها التي بدأتها.

ويرى بدوي أن الهدف الأساس من تصنيع القطار هو الترفيه عن سكان القطاع المحاصرين والتأكيد على أن قطاع غزة لديه القدرة الكاملة على تصنيع هياكل السيارات وتم البدء بالعربات كنواة أولى لهذه الصناعة المهمة عالمياً.

وبما يتعلق بهذا القطار فقد تم تغيير الهيكل الخارجي للجيب ودراسة كافة ما يتعلق بحالة الأمان للركاب وتم تصميم كافة الأبعاد الهندسية للقطار كي يناسب شوارع غزة الضيقة بحيث لا يخالف قوانين السير على الطرق، ويقدر قطر الدائرة التي يلف بها القطار بـ 11 متر وستين سنتمتراً في حين يتيح القانون أكثر من ذلك بحوالي 70 سنتمتراً وبذلك فإنه لا خوف من حجم الدوران الذي يمكن ان يلتف به القطار وعربتيه في أي من شوارع غزة.

وعن أوزان الركاب أكد أنه روعي أثناء تصنيع العربات قوة السحب والمحاور وأبعادها ومركز الاتزان ومركز الثقل وارتفاع الشصي عن الأرض وارتفاع الراكب عن الأرض بحيث يبلغ متوسط وزن الراكب 75 كيلوجرام وذلك وفقاً لقانون النقل والركاب والمعدل الهندسي وروعيت معايير الأمان حيث أضيف نظام توقف "بريك" كامل يربط الجيب بالعربتين اللتين تتوقفان بشكل مباشر حين يتوقف الجيب.

وتبلغ سرعة القطار في شوارع غزة 30 كيلومتراً بالساعة وتبلغ قوة الجيب المستخدم 181 حصان، ويؤكد بدوي أن ذلك أكثر من المطلوب لهذه الوسيلة بما يتجاوز 60 حصان وذلك لعطاء الجب مزيداً من القوة بحيث يمكن إضافة عربة ثالثة مستقبلاً.

الممول للمشروع وأحد ثلاثة هم أصحاب الفكرة، ميسرة مسعود الحلو أكد أنه تبنى هذه الكرة لأنها جديدة وتضيف طاباً ترفيهياً على القطاع وترسم الابتسامة على وجوه الأطفال المطحونين بالحصار.

ويرى الحلو أن إقبال الجمهور على القطار كان رائعاً كون الفكرة جديدة ومدهشة. وعن سعر التذكرة قال أنها أقل بكثير من أي وسيلة ترفيه للأطفال بحيث لا تتجاوز اللفة " تستغرق نصف ساعة" أكثر من 2 شيقل ونصف الشيقل لكل طفل وتتسع العربة الواحدة لـ 18 طفلا أو راكباً يمكنهم التمتع بسماع الأناشيد المختلفة بعد تركيب جهاز " Dg" بمعنى "حفلة وماشية" على حد تعبيره.

أما عن المعوقات التي واجهته كممول فهي غياب المواد الخام و ندرتها، معبرا عن فخره بهذا الإنجاز"صنعنا قطار رغم الحصار لم نكن سوبرمان لقد واجهنا مشاكل كبرى ولكننا تغلبنا عليها بقوة وصبر وإرادة وهي رخيصة لكل رب عائلة يمكنه الترفيه عن أطفاله بأقل الأسعار".

البث المباشر