بدأ مواطنون من الأغوار صباحهم بزراعة شجيرات زيتون بدلا من تلك التي اقتلعها الاحتلال قبل أيام، رافعين يافطات تندد بالاستيطان هاتفين: بدنا نقول بعالي الصوت الاستيطان هو الموت، جينا نزرع بأم كبيش، بدنا نتحدى هالجيش".
فقد بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ وعود رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بضم الأغوار حيث شرعت الجرافات الإسرائيلية قبل عشرة أيام بتجريف مئات الدونمات الزراعية في الأغوار بالضفة الغربية>
واقتحمت جرافات الاحتلال ترافقها جيبات عسكرية منطقة أم كبيش الواقعة غرب قرية عاطوف وشرعت بعمليات تدمير واسعة لكافة الأشجار والمزروعات في المنطقة حسبما أكد عبدالله بشارات رئيس مجلس قروي عاطوف.
وأكد بشارات أن المنطقة تبلغ مساحتها آلاف الدونمات الزراعية ومزروعة بكافة أنواع الأشجار وملكيتها تعود لمواطنين فلسطينيين، لافتا إلى أن عملية الاحتلال في أم كبيش مستمرة وقد دمرت الجرافات أربعة آبار مياه وما يزيد عن 600 شجرة.
وقال الناشط في مقاومة الاحتلال والدفاع عن الأغوار عارف دراغمة، إن ما جرى في الخربة صورة حقيقية تفضح المخططات الإسرائيلية والنوايا المعلنة بالسيطرة الكاملة على الأغوار.
وأكد أن الاعتداء هو النتيجة الفورية والسريعة التي ترجمها إعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو نيته السيطرة على الأغوار بُعيد الانتخابات الإسرائيلية، مشيرا إلى أن جرافات الاحتلال اقتلعت ودمرت كل بقعة وصلت إليها، بحجة البناء دون ترخيص، كونها تقع في المنطقة المصنفة "ج" حسب اتفاقية أوسلو.
وتعد أم الكبيش واحدة من المناطق الاستراتيجية المزروعة بالزيتون والغنية بالآبار الزراعية والمرتفعة على تلة خصبة بالأغوار، ومصادرتها ضمن خطة استيطانية لمصادرة الأغوار.
وقال خالد منصور من اتحاد اللجان الشعبية أثناء مشاركته في اعتصام على أرض أم كبيش المهددة:" هذه المنطقة جزء من الأغوار وأهلها معروفون منذ عشرات السنين والاحتلال ينوي بناء بؤرة استيطانية فوقها لارتفاعها واشرافها على منطقة الأغوار، كما يحاول فرض وقائع غريبة وجدية كل يوم، وعلى هذه القطعة سنفرض إرادتنا ومقاومتنا الشعبية ستقول كلمتها وسنظل واقفين اليوم على تلة ام كبيش للحفاظ على أراضينا الزراعية.
يذكر أن لجان التخطيط والبناء في حكومة الاحتلال صادقت في مطلع هذا العام على مشروع توسيع العديد من المستوطنات في الضفة الغربية لتشكيل كتلة استيطانية تصل إلى الحدود الأردنية مرورا بمنطقة الأغوار.
وفقا للمخطط فإن مستوطنة "معاليه مخماس " وعدد من البؤر الاستيطانية المحيطة بها مثل "متسبيه داني" و"نفي إيرز" ستكون مركز الكتلة الاستيطانية، بعد أن تم تبييضها قبل بضعة أشهر وفق القانون الإسرائيلي المعدل وبتوجيهات من الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.
وقد دفعت وزيرة القضاء ولجان التنظيم في الحكم العسكري مع الأحزاب الدينية والاستيطانية ومجلس (يشع) باتجاه التنافس الداخلي قبل الانتخابات الإسرائيلية حيث يجري التنافس على من يكسب رضا ودعم المستوطنين على حساب الأراضي الفلسطينية.
ويتم ذلك برعاية أمريكية واضحة وغطاء دولي في ظل حماية الفيتو الأمريكي حيث توسع (إسرائيل) البناء الاستيطاني في نطاق الخطة التي عرضها الوزير الإسرائيلي بيغال قبل عقود لحصر الوجود الفلسطيني والاستيلاء على ٤٠٪ من مساحة الضفة الغربية (من مناطق ج)، والتي تشكل ٦٢٪ من مساحة الضفة الغربية.
ووفقا لورقة أعدها المركز الفلسطيني للأبحاث والدراسات – مسارات، فإن المتتبع لواقع الأغوار يجد أن اهتمام (إسرائيل) بتكريس سياستها التوسعية، ينبع من خصوبة أراضيها الزراعية، ووفرة مياهها كونها ضمن الحوض المائي الشرقي الأكبر في فلسطين، إذ تقدر أرباح المستوطنين في الأغوار الشمالية بحوالي 650 مليون دولار سنويًا، في المقابل تبلغ خسائر فلسطين حوالي 800 مليون دولار سنويًا.
كما تعدّ المنطقة بوابة أمنية وعسكرية من الجهة الشرقية، وتعتبر السياسة الإسرائيلية في الأغوار مؤشرًا على المساعي الإسرائيلية لعدم السماح بقيام دولة فلسطينية على حدود العام 1967.
كما تشكل الأغوار ربع مساحة الضفة الغربية، ويعيش فيها حوالي 50 ألف مواطن، ويبلغ عدد التجمعات الفلسطينية فيها 27 تجمعًا ثابتًا، وعشرات التجمعات الرعوية والبدوية المتنقلة.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية 280 ألف دونم، أي ما نسبته 38.8% من المساحة الكلية للأغوار.