قائد الطوفان قائد الطوفان

أموال المقاصة منقوصة.. هل لغزة نصيب منها؟

حسين الشيخ (يمين)، ووزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون
حسين الشيخ (يمين)، ووزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون

غزة – أحمد أبو قمر

 بعد أكثر من ثمانية أشهر من تعنت السلطة في قبول أموال المقاصة منقوصة، قبلت السلطة النزول عن الشجرة واستلام الأموال بعد خصم مستحقات الشهداء والأسرى منها، في قرار متناقض مع تصريحات رئيس السلطة.

ورغم أن (إسرائيل) مستمرة في تطبيق قانونها القاضي بخصم الأموال إلا أن السلطة قبلت بالأموال منقوصة، ليبقى السؤال المطروح على الطاولة، لماذا لم تقبل بها منذ بداية الخصم وتجنب الموظفين عناء الأزمة طيلة هذه الأشهر؟

وكان رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية حسين الشيخ التقى مع وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، مؤكدا أنه جرى الاتفاق على تحويل دفعة من مستحقات السلطة المالية، مع بقاء الخلاف قائما على رواتب عائلات الشهداء والأسرى.

انفراجه تقلل المتاعب

الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم، ذكر أن مجمل أموال المقاصة شهريا تبلغ 700 مليون شيكل، وسمح للسلطة أن تجبي ضريبة "البلو" الخاصة بالوقود بقيمة 200 مليون شيقل، ويتبقى لدى الاحتلال 500 مليون شيكل شهريا.

وعلى مدار ثمانية شهور من عدم تلقي السلطة لأموال المقاصة بلغ إجمالي المبلغ 4 مليار دولار، ومع خصم مخصصات الأسرى والشهداء تبقى ما قيمته 3.5 مليار شيكل محتجزة.

وقال عبد الكريم في حديث لشبكة وطن: "حاليا الاحتلال سيحول 1.8 مليارا منها، وما حدث خلال الثمانية الأشهر الماضية هو خليط من الرهانات الخاسرة وعجزنا عن إدارة الأزمة، وذلك برهان السلطة الفاشل على نتيجة الانتخابات الإسرائيلية، ودعم الاتحاد الأوروبي، وتشكيل شبكة أمان مالية".

ولفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية أعطت مجلس الوزراء المصغر "الكابنيت " الصلاحيات الكاملة في تجميد قانون اقتطاع أموال الشهداء والأسرى في حال أراد، ولكن ذلك لم يحصل.

ويرى أن السلطة أخطأت في قرارها الرافض تماما لاستلام أموال المقاصة منقوصة، لأنها لم تجعل الباب مواربا وأغلقته بالكامل قبل أن تُعيد فتحه وتقبل بالقليل.

وأضاف: "إعلان السلطة أن هناك لجانا فنية تشكلت لانتزاع الأموال التي قرصنتها (إسرائيل)، يجب أن يكون مصحوبا بمهامها وماذا يمكن أن تبحث، وتكشف ذلك للجمهور الفلسطيني".

وتحدث الخبير الاقتصادي عن القطاعات المتضررة الأخرى في الشارع الفلسطيني من عدم استلام المقاصة على مدار ثمانية أشهر قائلا: "الموظفون سيعوضون أموالهم بدفع السلطة لمستحقاتهم، ولكن التجار وأصحاب المصانع الذين تكبدوا خسائر مفقودة لن يستطيع أحد تعويضهم".

وأشار إلى أن الأزمة المالية في الأراضي الفلسطينية عميقة ولا يمكن أن تحل مع الإفراج عن أموال المقاصة، ونحن بحاجة لعدة أشهر من ضخ الأموال حتى تعود الأمور إلى نصابها الصحيح.

وحول كيفية الخروج من أزمة أموال الشهداء والأسرى التي تقتطعها (إسرائيل)، توقع عبد الكريم أن يُفرج الاحتلال عن أموال قد تكون مخفية "ترسيبات" ولا أحد يعلم عنها منذ نشأة السلطة، "وهو ما قد يحل الأزمة المالية للسلطة ولكن كل شيء سيكون بمقابل".

ويرى أستاذ الاقتصاد أنور أبو الرب أن المبلغ المحول للسلطة لن ينهي أزمتها المالية بالكامل، إلا أنه سيخفف منها بشكل كبير، مشيرا إلى أن السلطة بحاجة لأكثر من 4 مليارات دولار للإيفاء بالتزاماتها.

وقال أبو الرب: "تستطيع السلطة الوفاء برواتب موظفيها مع المبلغ المحول، إلا أنها لا تستطيع سداد ديونها"، مشيرا إلى أن الديون ذات الفائدة هي التي تزيد من المتاعب المالية للسلطة.

ولفت إلى أن الأوضاع ستتحسن مع انفراجة المقاصة، والسيولة ستزداد في الأسواق وهو ما يؤثر إيجابا على القدرة الشرائية.

وأكد مراقبون أن صرف رواتب موظفي السلطة خلال الشهرين الماضيين بتمييز الضفة بنسبة أعلى من موظفي غزة، يؤكد على أن انفراجة أموال المقاصة لن تحسن من رواتب موظفي غزة التي وصلت في أحسن أحوالها الى ما قيمته 75% من قيمة الراتب، ودون ذلك.

وستقتصر استفادة موظفي السلطة في غزة على الجزء اليسير الذي تبقى من رواتبهم ما بين فبراير وحتى سبتمبر، وستسدده السلطة لهم على دفعات مالية مع الراتب المستحق.

وكانت السلطة قد رفضت تسلم أموال المقاصة منقوصة طيلة الأشهر الماضية وهو ما دفعها لإعلان موازنة طوارئ مع بداية العام الجاري حيث تبلغ أموال المقاصة ما بين فبراير وحتى سبتمبر من العام الجاري 1.6 مليار دولار، وفق بيانات وزارة المالية.

وفي أغسطس الماضي، أعلن وزير المالية في حكومة اشتية، شكري بشارة، أن حكومته تسلمت ملياري شيكل إيرادات ضريبة "البلو"، كما وأكد الإعلام العبري أن وزارة المالية استلمت مؤخرا 1.8 مليار شيكل من أموال المقاصة.

بناء على ما سبق فإن حكومة رام الله استلمت 3.8 مليار شيكل –أكثر من مليار دولار- من أصل 5.67 مليار شيكل محتجزة، ليتبقى لها قرابة 1.8 مليار شيكل وهي أموال محتجزة قبل أزمة المقاصة.

ووفق مراقبين فإن قبول السلطة بأموال المقاصة منقوصة، اعتراف ضمني بالقانون الإسرائيلي الذي ينص على اقتطاع أموال الشهداء والأسرى.

ويرون أن الاجتماع بين السلطة الفلسطينية والدول المانحة، الذي عقد في نيويورك مؤخرا فشل، حيث رفضت زيادة دعمها المالي للسلطة، وحتى شبكة أمان العبرية التي طلبها عباس بقيمة 100 مليون دولار شهريا من الدول العربية لم تتم، الأمر الذي أدى بعباس لتلقي أموال المقاصة ضمن الشروط (الإسرائيلية). 

البث المباشر