مصطفى الصواف
حوادث مؤلمة وأعمال غير قانونية تجري بين الحين والآخر وتسجل تحت "الفاعل مجهول"، هذا المجهول يرتكب أعماله خلسة وفي جنح الليل بعيداً عن أعين الأمن وعناصره، ولكن هذا لا يعني أن هناك صعوبة في الوصول إليه، وإلا نكون في مجتمع بلا سيادة وبلا مؤسسات وبلا قانون، أي أننا نعيش حالة فوضى من جديد.
يجب أن نميز بين البلطجة والقانون، فأي عمل بعيد عن القانون هو بلطجة؛ مهما كانت مبررات فاعله، قد تكون بعض الحوادث مبررة من قبل فاعليها، ولكن لا يعني هذا التبرير أن يؤخذ القانون باليد وبهذه الطريقة الهمجية، لأنه يجب علينا أن نختار بين مجتمع مؤسسات يحكمه القانون، أي قانون مهما كان جائراً، المهم أننا ارتضينا أن نحتكم إليه، أو أن نكون مجموعات منفلتة تمارس بلطجتها بالطريقة التي تريد، وعلى ولي الأمر الذي يحدد ماذا يريد؟ النظام القائم على المؤسسات أم الفوضى والبلطجة.
الحوادث في ازدياد وكان آخرها إحراق منتجع ( الكريزي ووتر) ، قد تكون هناك مخالفات مرتكبة من قبل إدارة المنتجع، نختلف عليها ولا نوافق على هذه الممارسات، ويمكن اتخاذ أي إجراءات وفق النظام والقانون، وبشكل حضاري، نوقع عقوبات ونحاسب؛ ولكن عبر المؤسسات المختصة، أما أن تكون المعالجة بهذه الطريقة الهمجية والخارجة عن الأصول والأعراف وبعيداً عن النظام والقانون فهذا خلل كبير جداً، سبق ذلك العديد من الحوادث المماثلة، ومنها على سبيل المثال إحراق بعض مخيمات ألعاب الصيف التي تشرف عليها وكالة الغوث، رغم كل الملاحظات على الوكالة وطريقة تفكيرها المرفوضة؛ ولكن العلاج لا يكون بهذه الطريقة، ومن ضمن هذه الحوادث الاعتداء على بعض المؤسسات الأهلية والحقوقية والعبث بمحتوياتها وسرقة بعض أجهزتها.
أنا كمواطن لا تقنعني التبريرات التي يستخدمها المبررون، ولا تقنعني أن تسجل هذه الحوادث ضد مجهول؛ لأنه لا يوجد فعل بلا فاعل، ولا يوجد فعل بلا دافع، وعندما تتكرر بعض الحوادث المتشابهة هذا يضع علامات استفهام متعددة بحاجة إلى إجابة قاطعة من الجهات المسؤولة، وكذلك بحاجة إلى موقف قاطع وعدم الاكتفاء بالقول :إن الفاعل مجهول، لأن هذه المقولة باتت ممجوجة ولا تقنع.
الأخطر من كل ذلك هو القتل خارج القانون، ودعونا نعترف أن هناك قتلاً خارج القانون، هذا القتل قد يكون لفئة معينة ، ورغم ذلك هو قتل خارج القانون، وهو باب للشر يجب أن يغلق فوراً، وإلا استمراره هو شرعنة للفوضى والفلتان الأمني.
هؤلاء العملاء قد تكون تصفيتهم قد تمت بعد محاكم ثورية عقدت لهم، ولكن هذه المحاكم الثورية في ظل الحكومات والمؤسسات والقوانين مرفوضة مهما كانت الجهة التي تقوم بها ومهما كانت على حق وبين أيديها أدلة، ولكن لا يجوز لها أن تنفذ أحكاماً تصدرها، والأولى أن تقدم ما لديها من معلومات إلى جهات الاختصاص في الحكومة وهي التي تقوم بعقد المحاكم المدنية والمختصة وهي تنفذ القانون المطبق في البلاد، والقانون المعمول به هنا في فلسطين يحقق المطلوب، وهو الإعدام للعملاء، وحدث هذا في قطاع غزة ونفذت بعض الأحكام.
علينا الاختيار في هذه المرحلة الفاصلة أين نحن؟ مع القانون ومؤسساته المختلفة، أو نعلن على الملأ أننا لسنا مع مؤسسات الدولة، وأننا سنعتمد أسلوب المحاكم الثورية، أما سياسة " مع ومش مع "، فهي فوضى وتسيب ولا يكون في المجتمعات التي تحترم نفسها وتسعى إلى تطبيق شرع الله وفق الأصول الشرعية.
ويجب علينا أن ندرك أن المواطن ذكي، ولا يمر عليه التذاكي، والتبريرات التي تساق من قبل البعض لأفعالهم، وهو يعلم حقيقة الأمور، ويزيد عليها، وهذا مدعاة للفوضى والخروج عن القانون.