بين الوقت والآخر ورغم الحصار المفروض على قطاع غزة يخرج من بين الركام حلم آخر يتحقق ليثبت للعالم بأننا هنا باقون بإبداعنا وأحلامنا ويمكننا أيضا أن نصل إلى العالمية.
الدكتور حسام الأقرع، أستاذ في كلية هندسة التربة والأساسات في جامعة فلسطين كان واحدا من العقول التي شرفت قطاع غزة بمشروع هو الأول من نوعه على مستوى العالم، والذي استحق بسببه الحصول على جائزة دولية في التنمية المستدامة.
الجائزة التي حصل عليها الأقرع من البرلمان الفرنسي ووزيري الخارجية والتنمية المستدامة في فرنسا والتي تمنح لشخص واحد سنويا هي في مجال التنمية المستدامة.
"الرسالة" التقت الدكتور الأقرع الذي حصل على الماجستير والدكتوراه من جامعات فرنسا وعمل في إدارة البحث الفرنسية لستة أعوام متتالية، ويحمل الجنسية الفرنسية أيضا تقديرا لجهوده في مجال البحث العلمي، والذي قال: الجائزة تمنح للفرنسيين المقيمين بالخارج وتعطى لشخص واحد قدم إنجازا مميزا لفرنسا.
عاد الدكتور الأقرع عام 2012 إلى قطاع غزة مؤثرا خدمة وطنه وطلابه في كلية الهندسة حاملا حلمه ومشروعه ومتأملا أن تدعمه الحكومات الفلسطينية أو المؤسسات الداعمة لتتبنى مشروعه ولكنه حتى اللحظة لم يحظ بأي داعم على الرغم من تقديمه لفكرته لعدد من الجهات على حد تعبيره.
وفي نهاية المطاف قرر الدكتور الأقرع أن يحقق حلمه بنفسه ويبدأ أولى حلقات مشروعه القائم على إنتاج حجارة بناء بكثافته أقل ثلاثين بالمائة من المنتج في الأسواق ومصنعة بإعادة تدوير المخلفات العضوية الموجودة في القطاع.
استغل الباحث بقايا الطعام والأخشاب والورق في صناعة طوب صديق للبيئة من خلال خلطه بطريقة علمية بالحجارة والرمل حتى يخرج منتج أفضل من المنتج الموجود وأقل تكلفة وأخف وزنا.
يتطلب مشروع الأقرع مصنعا خاصا ولعل هذا هو العائق الوحيد لخروج مشروع متكامل وإنتاج عدد من الحجارة المصنوعة محليا وتغطي حاجة السوق، ولكنه يخاف من سرقة حقوقه في بلاد لا تعطي المخترع براءة اختراع على حد قوله وحسب تجربته.
يقول الأقرع: بسبب عدم الاهتمام بحقوق المخترع سرقت إحدى طالباتي فكرتي وأنا أدرسها في الجامعة ونسبت الاختراع لها، ولا أدري الآن ما هي أخبارها؟، لكني أكملت في تطوير المنتج لعدد من المنتجات الأفضل وأحاول أن تكون تكلفته أقل من تكلفة المنتجات الأخرى بالسوق.
ويضرب الدكتور الأقرع مثالا لتوضيح فكرته متابعا: حجر البلوك في السوق مقاس 15 تكلفته من 2 الى 2,5 شيكل وأنا أحاول أن يكون الحجر الذي انتجه في هذا المعدل، وقد نجحت في تحقيق ذلك .
ويتميز الحجر الذي ابتكره الدكتور الأقرع بأنه أخف وزنا ويحتاج إلى كمية حديد أقل في بناء المبنى الواحد بالإضافة إلى أن الحجر يعزل الحرارة والبرودة عن بقية الأحجار الأخرى وبالتالي لا يحتاج إلى مكيفات أو تدفئة معتمدة على الكهرباء، وهو أشبه بهذه الميزة بالحجارة العريضة المستخدمة في البناء القديم، ولكنه ليس عريضا بنفس الدرجة بالإضافة إلى خاصية العزل الصوتي.
يحاول الدكتور الأقرع تقديم براءة اختراع لوزارة الاقتصاد في غزة وقد حصل على جائزة مالية هي الأولى من نوعها على مستوى العالم وكرم من الرئيس الفرنسي ووزير خارجية فرنسا وأعضاء البرلمان الفرنسي.
ويعتب الدكتور الأقرع على نقابة المهندسين والجهات المسؤولة التي لم تدعمه ولم تقدم له التهنئة على اختراعه الذي لاقى تقديرا كبيرا من العالم، ورغم ذلك فهو يفضل أن يطبق مشروعه في غزة رغم العروض التي قدمت به من مؤسسات البحث العلمي الفرنسي وجهات كثيرة أخرى ولكنه يردد ويقول: " إذا أنا تركت غزة وغيري ترك، فمن سيبقى هنا في غزة ويخدمها".