في سابقة هي الأولى، سجل الميزان التجاري عجزا غير مسبوق في ارتفاعه إلى مستويات فاقت الخمسة مليارات دولار، في ظل حالة من التدهور الاقتصادي التي تمر بها الأراضي الفلسطينية.
ووصل عجز الميزان التجاري إلى أعلى مستوى في تاريخه، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، حيث بلغ العام الماضي 5.38 مليار دولار.
ويقصد بالميزان التجاري الفرق بين قيمة الصادرات والواردات، ويعتبر أحد أهم المؤشرات الاقتصادية التي تدلل على قوة الاقتصاد من ضعفه.
عزت لوزارة المالية في رام الله، في تصريح سابق، العجز في الميزان التجاري إلى "القيود المفروضة على الصادرات الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي، "دون التطرق لاتفاقية باريس رغم إجماع الاقتصاديين على أنها السبب الرئيسي".
** ضرورة التحكم بالمعابر!
ويرى الخبير الاقتصادي محمد صدقة أن الارتفاع الكبير في عجز الميزان التجاري يعود إلى سياسات الاحتلال وتحكمه في مفاصل الاقتصاد الفلسطيني، وفق ما جاء في بروتوكول باريس الاقتصادي.
وقال صدقة في حديث لـ "الرسالة" إن تكبيل الاحتلال للاقتصاد الفلسطيني ورفضه منح الفلسطينيين الحرية والتحكم في المعابر يزيد من العجز في الميزان التجاري ويضعف النمو الاقتصادي.
وشدد على ضرورة وضع سياسات اقتصادية ممنهجة، تزيد من الدعم للاقتصاد الوطني وترفع من معدلات النمو الاقتصادي.
ولفت إلى أن التحكم في المعابر أولى هذه الخطوات والتي من خلالها نستطيع التحكم في إدخال المواد الخام وبالتالي زيادة عمل المصانع وتصدير المنتجات، ودون ذلك لن نستطيع تكوين اقتصاد قوي.
وبلغت قيمة الواردات الفلسطينية من الخارج في عام 2018 قرابة 6.54 مليار دولار، في حين بلغت الصادرات 1.15 مليار دولار.
ورغم أن الصادرات شكلت مستوى تاريخيا أيضا، إلا أن ارتفاع الواردات بالتزامن مع الصادرات سجل مستوى تاريخيا في العجز بميزان المدفوعات.
وتعد (إسرائيل) السوق الأكبر للصادرات الفلسطينية بنسبة تبلغ 80% من إجمالي قيمة الصادرات، أي أن الصادرات الفلسطينية لا تجد حقها في تنوع الأسواق إلى الخارج.
وفي استعراض للميزان التجاري الفلسطيني، منذ نشأة السلطة منتصف التسعينات من القرن الماضي، نجد الارتفاع الكبير في العجز التجاري سنويا.
وعلى صعيد الصادرات الفلسطينية، بلغت قيمتها عام 1995، نحو 395 مليون دولار أمريكي، وتراجعت في 2002 (أوج انتفاضة الأقصى)، إلى 240 مليون دولار، لتسجل حتى نهاية العام 2015، 957 مليون دولار.
وبلغت نسبة الارتفاع في الصادرات الفلسطينية إلى الخارج، رغم التطوير التكنولوجي وتطور نوعية الأيدي العاملة منذ 1995 حتى 2015 بنسبة 142%.
في حين سجلت الواردات عام 1995 نحو 1.659 مليار دولار أمريكي، وبدأت بالارتفاع، حتى تراجعت في أوج انتفاضة الأقصى عام 2002 إلى 1.515 مليار دولار، وتعاود الارتفاع وتستقر عند 5.226 مليار دولار في 2015.
وتجدر الإشارة إلى أن قيمة التبادل التجاري الفلسطيني مع العالم الخارجي، -اجمالي الصادرات والواردات- بلغت العام الماضي 7.7 مليار دولار.
ووفق آخر المعطيات من الإحصاء الفلسطيني، فإن النتائج الأولية لميزان المدفوعات الفلسطيني للربع الثاني من عام 2019، تشير إلى أن عجز الحساب الجاري للمدفوعات بلغ 403 مليون دولار أمريكي.