وصل العجز في الميزان التجاري الفلسطيني رقما تاريخيا غير مسبوق خلال العام الماضي 2022، بما يدلل على الخلل الكبير في التجارة الفلسطينية.
وتعتمد الحكومة الفلسطينية في رام الله على أموال المقاصة كنهج أساسي لتلبية متطلبات الميزانية من رواتب وخدمات، دون النظر للإنتاجية في الأراضي الفلسطينية.
ويرى مختصون في الشأن الاقتصادي أن العجز سيبقى في تفاقم مستمر في ظل عدم وجود رؤية حكومية تعتمد الإنتاج المحلي دون الزيادة في السلع المستوردة.
خلل كبير
الخبير في الشأن الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم، أكد أن هناك خللا في النهج المصاحب لعملية التجارة الفلسطينية الخارجية وهو ما أحدث عجزا في الميزان التجاري الفلسطيني.
وقال عبد الكريم في حديث لـ (الرسالة نت) إن هناك نموا سكانيا مطردا، واستهلاكا أكبر لا يصحبه إنتاج محلي، "وهو ما يؤدي إلى تآكل القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني".
وأوضح أن المتتبع لقطاعي الصناعة والزراعة في فلسطين يجد أن هناك تراجعا وتآكلا، ولتخفيض العجز في الميزان التجاري، يجب العمل على تنمية هذين القطاعين.
ولفت إلى أن النهج الحكومي قائم على الاستيراد، وذلك سيُبقي العجز في ازدياد شهرا بعد الآخر، وعاما بعد عام.
وبيّن عبد الكريم أن أموال المقاصة تزداد وهو ما يعني أن العجز في الميزان التجاري يرتفع، "فأموال المقاصة هي الضرائب التي تفرض على السلع المستوردة".
وحذّر من استمرار العجز في الميزان التجاري الذي له تداعيات سلبية على مجمل الاقتصاد الفلسطيني وينذر بمزيد من الخلل في السنوات المقبلة.
ووفق بيانات صادرة عن مركز الإحصاء الفلسطيني، بلغ عجز الميزان التجاري الفلسطيني خلال أول 11 شهرا من 2022، نحو 6.041 مليارات دولار، صعودا من عجز بلغ 4.48 مليارات دولار في الفترة المقابلة من عام 2021.
ولم يسبق لفلسطين أن سجلت هذا الرقم من عجز الميزان التجاري، منذ البدء بإحصاءات التجارة الخارجية عام 1994.
وجاء العجز المسجل خلال الشهور الأحد عشر الأولى من العام الماضي، نتيجة ارتفاع الواردات الفلسطينية من الخارج إلى 7.475 مليارات دولار، صعودا من 5.782 مليارات دولار في كامل 2021، بزيادة 29.3%.
وبلغ عجز الميزان التجاري الفلسطيني خلال أول 11 شهرا من 2022، نحو 6.041 مليارات دولار، صعودا من عجز بلغ 4.48 مليارات دولار في الفترة المقابلة من عام 2021.
بينما صعدت الصادرات الفلسطينية إلى الخارج بنسبة 10.3% إلى 1.437 مليار دولار حتى نهاية نوفمبر الماضي، صعودا من 1.3 مليار دولار على أساس سنوي.
وخلال العام الماضي، بلغت قيمة العجز التجاري الفلسطيني مع (إسرائيل)، 2.95 مليار دولار في الشهور الأحد عشر الأولى من 2022، صعودا من 1.99 مليار دولار على أساس سنوي.
بدوره، أكد الأكاديمي والمختص في الشأن الاقتصادي الدكتور نائل موسى أن ارتفاع الأسعار وانخفاض الإنتاجية مع أزمة كورونا وإجراءات الاحتلال التعسفية، أدى لتفاقم عجز الميزان التجاري.
وقال موسى في حديث لـ "الرسالة نت": "لا بد من تدارك الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تفاقم العجز في الميزان التجاري، لما له من تداعيات سلبية على الاقتصاد الفلسطيني".
وأضاف: "انخفاض سعر الدولار أمام الشيكل خلال الفترة الماضية أدى أيضا لمزيد من العجز في الميزان التجاري، وهو ما شجّع على زيادة الاستيراد".
وأشار موسى إلى أن انخفاض المساعدات الدولية من الأسباب التي قللت من الاستثمار الإنتاجي في الأراضي الفلسطينية.
وتجدر الإشارة إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة والوقود تسببت في زيادة قيمة الواردات خلال العام الماضي، مع ارتفاع أسعار المشتقات لأعلى مستوى تاريخي بالنسبة للديزل، وأعلى مستوى في 8 سنوات بالنسبة للبنزين بأنواعه.