لا يزال سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة يطالبون بإنشاء مستشفى يداوي مرضاهم، في ظل عجز المستشفى الحالي عن تلبية الاحتياجات الصحية للمدينة، مع تزايد عدد سكانها إلى أكثر من ربع مليون نسمة دون أي تطوير للمستشفى القائم.
وبدأت في الأونة الأخيرة موجة جديدة من حراك "رفح بحاجة لمستشفى"، يتمثل في حملات تغريد جماعية على مستوى قطاع غزة للمطالبة بالتحرك، بالإضافة إلى التحضير لوقفات احتجاجية ولقاءات مع الأهالي والمسؤولين خلال الفترة المقبلة.
وطَالب الحراك وزارة الصحة الوقوف عند مسؤولياتها وتنفيذ وعودها التي أطلقتها على مدار السنوات الماضية، والبدء بإنشاء مستشفى رفح على الأرض المخصصة له.
ودعا الحراك لإتمام صياغة المشروع وفق التعديلات النهائية من دائرة التعاون الدولي، وإتمام المخططات الهندسية واعتمادها بشكل نهائي من المكتب الفني في الوزارة ليكون قابلا للتنفيذ والتمويل، وتوضيح الخارطة الصحية لمدينة رفح وفق الخطة الاستراتيجية للصحة.
وطالب الحراك في بيان له إتاحة الفرصة لإنشاء حساب بنكي رسمي مخصص لهذا الغرض باسم مستشفى رفح ومعترف به من سلطة النقد، وبرعاية وزارة الصحة الفلسطينية، والسعي لضمان وفاء الأطراف المسؤولة فلسطينيا لكافة التزاماتها تجاه سكان محافظة رفح، والالتزام بالمعايير الدولية والإنسانية في التعامل مع مطلب "رفح بحاجة لمستشفى" انبثاقا من كافة المواثيق الدولية والحقوق الصحية والمدنية.
وأوضح الحراك أنه بعد مرور عام ويزيد على الحراك الشعبي، وتزامناً مع استمرار ضحالة الخدمات الصحية المقدمة لأهالي مدينة رفح، باتوا مطالبين باستمرار الضغط على المسؤولين حتى الاستجابة لهذه المطالب، ورصد أي تطورات في المستوى الصحي في محافظة رفح.
وأكد أنه ما زال أكثر من ربع مليون نسمة في محافظة رفح يعانون ضعف الخدمات الصحية في المراكز الصحية (حكومة- وكالة- الخدمات العسكرية-المؤسسات الأهلية) ولم يرصد أي تغيير إيجابي مطلقا في الخدمات المقدمة.
ويشار إلى أن محافظة رفح تأتي في ذيل قائمة أولويات وزارة الصحة فنسبة توزيع المستشفيات على قطاع غزة في المدينة لا تتجاوز الـ (5.6%)، بينما غزة (64.9%)، الشمال (16.5%)، الوسطى (7%)، خانيونس (24.1%)، لتبقى محافظة رفح الأقل حظاً في عدد مراكز الرعاية الأولية في قطاع غزة: غزة (16)، الوسطى (16)، خانيونس (10)، الشمال (8)، رفح (4).
وبدورها قالت هداية شمعون أحد القائمين على حراك المستشفى إن حرقة أهالي رفح على مصلحة محافظتهم جعلتهم يصرخون بعد مطالبات ووعود عديدة دفنت كرماد بات باردا من كثرتها والتماهي في استغلال مصداقيتهم ولهفتهم لتحقيق مطلب لم يكونوا أبدا بحاجة لتكراره على مدار سنوات.
وأضافت: "لا توجد عدالة حقيقية في توزيع الميزانيات لمحافظات قطاع غزة، وسلة الخدمات الصحية المنطقية التي هي جزء من المسؤوليات على عاتق وزارة الصحة الفلسطينية".
وأشارت إلى أنه برغم عدم الإفصاح عن موازنات تطوير القطاع الصحي في قطاع غزة إلا أن ما يرشح من معلومات وتمويل ومشاريع يؤكد على توفر الإمكانات المادية فعلى سبيل المثال لا الحصر سيتم الشروع في بناء 11 طابقا في لقسم الباطنة في مستشفى الشفاء، بتكلفة تصل لأكثر من 50 مليون دولار، وهنالك مبلغ يصل إلى حوالي 20 مليون دولار لبناء مبنى من 6 طوابق في مجمع ناصر الطبي.
وتوضح أن هناك توجه لإنشاء مبنى كامل لقسم الكلى بجانب المستشفى الأندونيسي، وتطوير مباني مستشفى غزة الأوروبي، مبينة أنهم مع أي تقدم أو تطوير في كافة محافظات قطاع غزة لكن هذا لا يعني الرضوخ للأمر الواقع بتجاهل مطالبات رفح على مدى سنوات طويلة وإهدار فرص إنشاء المشفى المتفق على أحقية سكانه من الجميع.
ووفق شمعون فإن هناك إصرارا على تجاهل محافظة بحجم مدينة رفح من أجندة وزارة الصحة الفلسطينية، ففي آخر تقرير صدر عن الوزارة لرصد إنجازات الوزارة خلال النصف الأول من العام 2019 خلا التقرير تماما من ذكر محافظة رفح.
وتابعت: "إذن من حقنا أن نعيد التساؤل الأساسي من الذي يقف حجر عثرة في وجه بناء مستشفى؟ من يحول أي تمويل لبناء مستشفيات لمحافظات أخرى باستثناء محافظة رفح؟؟!! لماذا هذا التجاهل الكامل لمحافظة بحجم رفح؟! ولماذا بعد عشر سنوات ويزيد تبقى أرض المشفى المخصصة خاوية ولا يزال ترابها يحتضن حلما لمدينة بأسرها.!".
وفي ذات السياق قال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة لـ"الرسالة" إن وزارة الصحة لم تدخر جهدا على مدار السنوات الماضية في سبيل إنشاء مستشفى يلبي الاحتياجات الصحية لمحافظة رفح، خصوصا بعد العدوان الأخير صيف عام 2014، إلا أن كل الجهود والتواصل مع الداعمين لم تسفر عن نتائج ملموسة حتى اللحظة.
وأضاف القدرة أن لدى الوزارة رغبة وحاجة في وجود مستشفى مركزي في رفح، نظرا إلى احتياجها من ناحية عدد السكان، وكذلك الاعتداءات (الإسرائيلية) المتكررة، بالإضافة إلى الموقع الجغرافي للمدينة الذي يستدعي وجود مستشفى، وبالتالي فإن الوزارة تقف إلى جوار كل حراك يدعو لبناء مستشفى برفح.
وما زال مستشفى أبو يوسف النجار الذي تأسس كمستوصف طبي لا يزيد عدد أسرّته عن (65) سريراً، دون أي تحسّن في خدماته وأقسامه منذ عام 2006، في حين أن اللجنة المشكّلة بناء على جلسة مساءلة عقدها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان بتاريخ 30 أكتوبر 2018 والمكونة من وزارة الصحة وجمعية أصدقاء مجمع رفح الطبي، وأعضاء ممثلين عن حراك رفح، لم تستكمل مخططاً معتمداً من وزارة الصحة لهيكلية المستشفى المتوقع إنشاؤه.