بعد أكثر من أربعين يوما على قرارها منع استيراد العجول من (إسرائيل) تجد قيادة السلطة وحكومة رام الله نفسها محشورة بالزاوية، في ظل غياب البدائل وتعثر عملية الاستيراد من الخارج وضعف الإنتاج المحلي، إلى جانب التهديدات (الإسرائيلية) الأخيرة بفرض جملة عقوبات اقتصادية حال استمر قرار المنع.
وكانت قناة (كان) العبرية قد كشفت عن أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تدرس إمكانية وقف الصادرات والواردات الفلسطينية من وإلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك بسبب قرار وقف استيراد العجول من (إسرائيل).
وأوضحت القناة العبرية، أن (إسرائيل) تدرس إمكانية وقف إدخال السلع والمعدات من الخارج لأراضي السلطة وإيقاف تصدير زيت الزيتون والتمر من السلطة إلى الدول العربية، إذا واصلت السلطة إصرارها على عدم استيراد العجول الإسرائيلية.
وزعمت القناة أن هناك "انتقاد شديد داخل القيادة الفلسطينية ضد رئيس وزراء حكومة رام الله محمد اشتيه بسبب قراره وقف استيراد العجول من (إسرائيل)، مشيرةً إلى ارتفاع أسعار اللحوم في الضفة بعد القرار لحم العجل من 45 شيكل إلى 55 و60 شيكل للكيلو.
وعلى ضوء ذلك أعلن اتحاد تجار العجول وأصحاب الملاحم في الضفة الغربية المحتلة عن برنامج تصعيدي ضد الحكومة على خلفية القرار، واتهم الاتحاد في بيان له، الحكومة بأنها تسعى لتعزيز الاحتكار لعدد محدود من المستوردين على حساب شريحة واسعة من التجار.
وأعلن رئيس الاتحاد عمر النبالي أن جميع الملاحم في فلسطين سوف تضرب
قرار ارتجالي
ويعتقد البروفسور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية والقدس، أن قرار منع استيراد العجول كان ارتجاليا، لأن التوقف عن الاستيراد يجب أن تستبقه سياسة لرفع إنتاج العجول في الضفة وتشجيع المزارع الفلسطيني على إقامة مزارع أبقار وإنتاج لحوم تكفي للناس وهو ما ينطبق على كافة قطاع المواشي.
ويبدي قاسم خلال حديثه لـ"الرسالة" استغرابه من حديث قيادة السلطة منذ أعوام عن ضرورة تشجيع المزارعين والتوجه لرفع الإنتاج المحلي، فيما يأتي قرار منع الاستيراد دون توفير ما يكفي لإشباع حاجة المواطنين ومساندة التجار والفلاحين ودعم القطاع المحلي.
ويبين أن من الكوارث أيضا حديث وزارة الزراعة عن نيتها استيراد زيت الزيتون من الخارج، الأمر الذي يضر بالفلاح الفلسطيني ويسبب له الخسارة والدمار ولا يدعم صموده في تسويق وتعزيز إنتاجه المحلي.
ويستبعد قاسم أن يصمد قرار السلطة بوقف استيراد العجول من (إسرائيل) طويلا في ظل تصعيد التجار وتذمر المواطنين وبدء ارتفاع أسعار اللحوم.
رد فعل
ويتفق الخبير في الشأن الاقتصادي د. معين رجب مع سابقه مبينا أن مثل هذا القرار يجب أن يكون مدروسا وليس قائما على رد الفعل والرغبة في الانفكاك عن الاقتصادي الإسرائيلي دون تمعن وتفحص.
ويوضح رجب لـ"الرسالة" أن هناك خلافا داخل السلطة نفسها على هذا القرار فمنهم من يؤيد ويدعم ويهدد بالاستقالة حال تم التراجع عنه ومنهم من يعارضه، وهو ما يجعل الموقف الفلسطيني ضعيفا وغير موحد ويدفع (إسرائيل) إلى استغلاله، لاسيما في ظل غياب البدائل الكافية.
وعن مدى قدرة السلطة الاستمرار في قرار منع الاستيراد في ظل التهديدات (الإسرائيلية)، فإنه لا يستبعد أن تتراجع الأولى عنه على غرار تراجعها عن قرار استلام أموال المقاصة منقوصة، واستجابتها للضغوط الإسرائيلية، مردفا في الوقت ذاته "يجب أن يكون هناك توافق مدروس لأننا لا نستطيع الانفكاك عن (إسرائيل) بهذه الطريقة".