رغم أن إنشاء مخطط لقطار هوائي في مدينة القدس يلاقي معارضة كبيرة من المقدسيين والكنائس والمنظمات الحقوقية، إضافة إلى معارضة مهندسين ومرشدين وناشطين في مجال المواصلات والحفاظ على المواقع القديمة، إلا أن "الهيئة الوزارية لشؤون السكن" الإسرائيلية، ضربت آرائهم عرض الحائط وصادقت على المخطط الذي يربط جبل الزيتون بحائط البراق.
وتأتي المصادقة على مخطط القطار الهوائي، ضمن عمليات التهويد والاستيطان التي تتبعها سلطات الاحتلال في البلدة القديمة، ضمن مساعيها لتغييب الهوية العربية والإسلامية في المدينة المقدّسة.
ووفق ما أورده تقرير نشرته صحيفة "هآرتس"، فإن المخطط، المختلف عليه، يمر بين "حديقة الجرس" المحاذية لحي الطالبية، وموقع في قرية سلوان، حيث تخطط جمعية "إلعاد" الاستيطانية لبناء مركز كبير للزوار هناك، وبين هاتين المحطتين سيكون للقطار الهوائي محطة أخرى في موقف "جبل صهيون".
وبحسب الهيئة الوزارية، التي تضم 9 وزراء على رأسهم وزير المالية موشيه كاحلون، فإن القطار الهوائي سيكون قادرا على نقل نحو 3 آلاف مسافر في الساعة في كل اتجاه، ويستغرق السفر خلاله أربع دقائق ونصف في عربات قادرة على استيعاب 10 مسافرين.
وبحسب وزارة السياحة، فإن القطار الهوائي سيكون أداة المواصلات الجماعية الأكبر في منطقة البلدة العتيقة في القدس المحتلة.
وعنه يقول خليل التفكجي مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس المحتلة، إن المخطط يمر بثلاث مراحل الأولى الإعلان عن المخطط، بينما الثانية المصادقة عليه ومنح 15 يوما في حال كان هناك اعتراض كما حدث مؤخرا، والثالثة هي التنفيذ.
وأوضح خلال حديثه "للرسالة" أن القضية تكمن في ثلاثة قضايا "سياسية ودينية وتاريخية"، بمعنى الربط بين القدس الشرقية والغربية، وسيمر القطار الهوائي فوق "سلوان" وبذلك يؤكد (الإسرائيليين) وجودهم منذ 3 آلاف سنة، والقدس لدولة واحدة لا تحتمل التقسيم.
وذكر أن مخطط القطار الهوائي هو عملية فرض واقع على الأرض وتغيير المشهد في القدس، ورسالة لكل العالم أن القدس غير قابلة للتقسيم، عدا عن ضربهم بعرض الحائط القوانين الدولية بما فيها قانون اليونسكو الذي يحمي المدن القديمة من المساس بمعالمها.
كما وتتركز المعارضة أساسا، بحسب التقرير المنشور في صحيفة هآرتس، "المس بالمشهد في الحيز التاريخي للبلدة العتيقة، والسكان المقدسيين، إضافة إلى أن القطار الهوائي لا يحل مشكلة المواصلات حولها".
وأفاد التقرير أيضا إلى معارضة "الطائفة اليهودية القرائية" (وهم الملتزمون بـ"التوراة المكتوبة" فقط)، وذلك لأن القطار الهوائي يمر فوق مقبرة خاصة بالطائفة. وأعلن بعضهم أنهم سيقدمون التماسا إلى المحكمة العليا ضد المخطط.
ويشير المجلس البلدي لبلدية الاحتلال في القدس إلى أن القطار الهوائي لن يساعد في تخفيف الازدحامات المرورية، وبحسبه فإن "المشروع سوف يدمر المشهد ويشوه المدينة، مع 15 عامودا من الإسمنت على ارتفاع 25 مترا".
وفي السياق ذاته، قال حازم قاسم الناطق الإعلامي باسم حركة حماس: “مصادقة ما يسمى "بالهيئة الوزارية لشؤون السكن" الاحتلالية على خط "القطار الهوائي" في القدس المحتلة، استمرار لسياسة التهويد لمدينة القدس، ومحاولة جديدة لتغيير هويتها العربية".
وأضاف:" كل محاولات الاحتلال لن تفلح في تغيير حقائق التاريخ، فمدينة القدس ستبقى فلسطينية، وشعبنا سيواصل نضاله حتى تحريرها، ويمحو كل مظاهر التهويد الذي شوه الوجه العربي للقدس.
ورصدت الحكومة (الإسرائيلية) ميزانية أولية بقيمة 200 مليون شيكل، ووفقا للمخطط، ستشمل المرحلة الأولى من المشروع بناء ثلاث محطات: أولها ستقام بالقرب من مجمع المحطة بالقرب من مسرح خان، وتقع المحطة الثانية بالقرب من موقف للسيارات قرب جبل الخليل. وستبنى المحطة الثالثة على سطح مجمع "كيدم" قرب ساحة البراق.
ومن الجدير بالذكر أن شركة دولية متخصصة في مشاريع مماثلة تشرف على إعداد المخططات، إلا أن "سلطة تطوير القدس" لم تعلن اسمها حتى اللحظة خوفا من انسحابها كما جرى مع الشركة الفرنسية التي غادرت المشروع بضغط من الحكومة الفرنسية.
ومن المتوقع أن يبدأ القطاع بالعمل عام 2021، رغم أن المخطط يندرج ضمن السياسات الاستيطانية والتهويدية للمؤسسة (الإسرائيلية) في مدينة القدس المحتلة، من خلال سن مجموعة قوانين وتشريعات تصب في اتجاه السيطرة الجغرافية والديمغرافية على المدينة المقدسة بتهويد المدينة وطرد سكانها الأصليين.