في مثل هذه الأيام من العام الماضي، نجحت المقاومة الفلسطينية من اماطة اللثام عن إحدى أخطر القوات الإسرائيلية النشطة في المجال الاستخباري بالعمليات الخارجية، بعدما كشف مقاومو كتائب القسام الذراع العسكرية لحماس، خيوطها عقب الإمساك بها في خانيونس جنوب القطاع.
الوحدة الإسرائيلية لقي قائدها "محمود خير الدين" وهو ضابط درزي، مصرعه، فيما كشف "القسام" لاحقا صورا لأبرز عناصرها بعدما حصل على وثائقهم وهوياتهم الشخصية، لتحيل إسرائيل لاحقا مسؤوليها للاستقالة والتحقيق.
خبراء استراتيجيون في الأمن، وصفوا العملية بـ"اللحظة الفارقة" في العقل الاستخباري المقاوم، ضمن ما يعرف بـ"صراع الادمغة" المتواصلة بين المقاومة والاحتلال.
الخبير الاستراتيجي أنيس النقاش منسّق شبكة الأمان للبحوث والدراسات الاستراتيجية في بيروت، وصف العملية، عدّ العملية دليل "براعة أجهزة أمن المقاومة وتقدم أدائها العسكري والأمني".
وقال النقاش لـ"الرسالة نت" إن أجهزة أمن المقاومة اثبتت عبر العملية "قدرة فائقة في العمل العسكري والاستخباري، ودليل على أن المقاومة لا تتعامل برد الفعل في الجانبين المعلوماتي والعسكري".
وأوضح أن العملية نجحت في كشف العديد من المعلومات الخطيرة والحساسة المرتبطة بكشف عمليات سابقة جرت بالقطاع ودول الجوار أيضا.
وأضاف: "ما ميز هذه العملية أنها لم تسقط جاسوسا أو تفشل حادثة معينة بل افشلت منظومة قائمة، ما دفع الاحتلال لاعادة بناء حساباته الكاملة، بعدما نجحت المقاومة في تحييد قوة كاملة واخراجها من الخدمة".
ورأى أن نجاح المقاومة في هذه العملية" سيدفع العقل الاستراتيجي الأمني للعدو باستبدال هذه المنظومة وإعادة بناء مجموعاته وتكتياكاته العسكرية".
وأوضح النقاش أن العملية اثبتت ان الاحتلال لم يعد قادرا على اختراق وسائل اتصال المقاومة لمعرفة ما يجول في الجبهة الأخرى والسيطرة على القرار وتقدير الموقف من خلال التنصت.
من جهته، أكدّ المختص الأمني والاستراتيجي أمين حطيط أن المعلومات التي كشفتها العملية شكلت خسارة كبيرة لاستخبارات الاحتلال.
وقال حطيط لـ"الرسالة نت"" من بيروت، إن العملية "دللت على أن العمل المقاومة لا يخضع لفعل هواة، بل جرى تتبع للصور والأشخاص وفحص للمعدات، وكل هذا يشير لحرفية أمن المقاومة".
وأشار حطيط إلى "الحرب النفسية" التي خاضتها المقاومة عقب تنفيذ العملية، "وشكلت عنوانًا مربكا لأجهزة استخبارات الاحتلال، ودفعته لاقالة عدد كبير من ضباطه على اثر هذه العملية".
ورأى أن ما يميز هذه العملية قدرة المقاومة "التحكم العالي في مشاعر الاحتلال وضبط إيقاع المواجهة النفسية في واحدة من المرات التي تنجح المقاومة في تنفيذها".
وعقب الإعلان عن مجموعة المتورطين في هذه المجموعة اضطرت الحكومة الإسرائيلية اقالة عدد من ضباطها من بينهم قائد الوحدة.
وتعهد المتحدث باسم كتائب القسام "أبو عبيدة" في كلمة له بالذكرى السنوية الأولى للحادثة، بالكشف عن معلومات حولها في الأسابيع القادمة.