وسط عاصفة من المتغيرات، يُصر بنيامين نتنياهو على التمسك بمنصبه رئيسا للوزراء لأطول قدرِ ممكن، في محاولة منه لدرء تهم الفساد التي باتت تحاصره مؤخرا، لا سيما في ظل الحديث عن إمكانية الذهاب لانتخابات (إسرائيلية) ثالثة.
ومنذ عدة أشهر تحاول العديد من الأحزاب (الإسرائيلية)، الإطاحة بنتنياهو وإزاحته عن المشهد السياسي، بعد بقائه في الحكم لأكثر من عقد مضى وهي أطول فترة في تاريخ رؤساء الوزراء السابقين، وسط الحديث عن تحركات داخل حزب الليكود الذي يرأسه الرجل؛ للإطاحة به.
وفي التفاصيل فقد كشفت وسائل إعلام (إسرائيلية)، الجمعة المنصرم، أن هناك تحركات بين قيادات الصف الأول في حزب الليكود، نحو الشروع بإجراءات رامية لعزل زعيم الحزب المتهم بقضايا فساد بنيامين نتنياهو، وذلك للحفاظ على موقع الحزب في سدة الحكم.
وذكرت القناة 13 (الإسرائيلية)، أن أعضاء كنيست ووزراء عن الليكود، شرعوا في مشاورات سريّة لبحث إمكانية إقصاء نتنياهو والإطاحة به من رئاسة الحزب، وذلك في أعقاب قرار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، بتقديم لوائح اتهام ضده.
ونقلت القناة عن مسؤولين في الحزب (تحفظت عن الكشف عن أسمائهم) قولهم: "نبحث عن كيفية انتزاع الحزب من قبضة نتنياهو". وأكدوا "أنهم لن يقبلوا بتعيين نتنياهو في منصب وزاري، إذا ما تلقوا عرضًا كهذا، لأن تعيين نتنياهو في ظل التهم الموجهة ضده، سيضر بمكانة الحزب السياسية".
مراوغ ويخادع
ويعتقد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي حاتم أبو زايدة أن نتنياهو رجل سياسي اعتاد على الألاعيب والخداع ويسعى للحفاظ على مستقبله، رغم الأصوات داخل حزبه في الليكود التي تحاول استغلال الفرصة لإزاحته عن الحكم، وأبرزهم غريمه بالحزب جدعون ساعر، الذي صرّح أنه سينافس على رئاسة الليكود.
ومن وجهة نظر أبو زايدة في حديثه لـ"الرسالة" فإن نتنياهو مازال مسيطرا ووضعه مستقر داخل الليكود رغم بعض الدعوات والمحاولات لإزاحته، والتي ستبوء بالفشل لأن الرجل لديه استراتيجية وأساسات تمكنه من البقاء والمحافظة على مكانته.
ويؤكد أن نتنياهو يسعى إلى الذهاب لانتخابات مبكرة من أجل تأجيل محاكمته لأطول فترة ممكنة، حتى لو تطلب ذلك شن حرب أو تصعيد كبير للدفع لتشكيل حكومة طوارئ تضمن بقاءه لأطول فترة.
وبين أبو زايدة أن بنيامين سياسي محنك ومخادع ويلعب على التناقضات وقادر على الخروج من أزماته، وهو يريد أن يقلص المخاطر حوله ليبقى في الحكم لأطول مدة، مقللا من إمكانية سقوطه من داخل حزبه.
ويتفق المختص في الشؤون الإسرائيلية وأستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية د. عمر جعارة مع سابقه، مستبعدا أن يطيح أعضاء حزب الليكود بنتنياهو، كون أنه لا توجد فكرة داخل الحزب للإطاحة برئيسه المنتخب، "وهي فكرة ميتة" على حد وصف قادة الحزب.
ويبين جعارة لـ"الرسالة" أن كل من حاول الإطاحة بنتنياهو على مدار السنوات الماضية، جرت تصفيته سياسيا كليبرمان ونفتالي بينيت وغيره من أعضاء حزب الليكود، مردفا "نتنياهو كرئيس وزراء يمتلك كل أدوات الدولة وسيسخرها جميعا من أجل الحفاظ على بقائه ومنصبه".
وفي النهاية تبقى الأيام القليلة المقبلة كفيلة بكشف مستقبل نتنياهو السياسي، وقدرته على البقاء في ظل التهم الموجهة إليه من القضاء واحتمال الذهاب لانتخابات جديدة.