الرسالة نت - رامي خريس
كاميرا التصوير التي تبث بشكل مباشر ومثبتة في علبة ورق "الفاين"، وجهاز متابعة أجهزة اللاسلكي ، والصندوق الخشبي الصغير الذي وضع فيه جهاز هاتف محمول متطور كانت من أكثر الأمور التي لفتت انتباه الكثيرين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزارة الداخلية بشأن العملاء الذين تم اكتشافهم والقبض عليهم.
فالمخابرات الإسرائيلية بأذرعها المختلفة (الموساد- الشين بيت – أمان) اعتمدت وما زالت تعتمد على العملاء الذين يمدونها بالمعلومات عن المقاومة وعملياتها وخططها ورجالها بل وعن تفاصيل الحياة الفلسطينية فعندهم كل شيء مفيد وكل معلومة كبيرة كانت أم صغيرة لها أهميتها .
ومع العملاء استخدمت المخابرات التكنولوجيا العالية (الهاي تلك) التي تعتبر دولة الاحتلال من أكثر الدول تقدماً في صناعتها واستطاعت من خلالها أن تحقق تفوقاً نسبياً على المقاومة التي تعتمد على إمكانات بسيطة في الصراع الأمني الذي يوازي المواجهة العسكرية بل يرى المراقبون أن المعركة تستمر في اللحظات التي تشهد فيها الجبهة العسكرية هدوءاً أو تهدئة ما.
هدايا مخيفة
واستطاعت مخابرات الاحتلال كذلك أن تستفيد أيضاً من التكنولوجيا العادية التي يستخدمها الفلسطينيون كغيرهم فأجهزة الجوال التي بأيدينا أصبحت أداة لمراقبتنا ورصد تحركاتنا وتحديد أماكن وجودنا ، والحواسيب التي نستخدمها راقبوها واستطاعوا في حالات كثيرة وبمساعدة العملاء الحصول منها على بيانات تخص المقاومة ورجالها وخططها.
بل وتروي بعض المصادر الأمنية لـ"الرسالة نت" قصة أحد العملاء الذي استطاع ترويج بعض أجهزة "اللاب توب" في السوق وتقديم بعضها كهدايا لعناصر فصيل فلسطيني، واحتوت هذه الأجهزة على تقنيات دقيقة للتجسس.
وهنا تحذر المصادر الأمنية من قبول رجال المقاومة لبعض الهدايا إلا ممن يثقون بهم ، كما أن الثقة يجب أن لا تغني عن الحذر فتقديم هدية ثمينة جداً بدون مقابل يجب أن تفتح باب الحذر الذي يجب أن يتمتع به كل عنصر أو قائد له علاقة بالمقاومة ورجالها.
وللتكنولوجيا المخابراتية تاريخ طويل في الصراع الأمني بين المقاومة والاحتلال منذ استهداف قادة المقاومة بالطرود الملغومة ورسائل البريد في السبعينات والثمانينات وصولاً إلى الانتفاضة الأولى حيث ضبطت مع العملاء أجهزة إرسال وتصوير كانت متطورة وغريبة على الفلسطينيين في حينه وصولاً إلى أجهزة الجوال التي أصبحت جاسوساً على كل مواطن يشتريه ويدفع ثمن المعلومات التي تصل للمخابرات .
ويمكن التذكير أن اعترافات العميل وليد حمدية تضمنت معلومات تشير إلى طريقة اغتيال القائد القسامي عماد عقل وأن المخابرات الإسرائيلية أعطته بنطالاً ليلبسه موضوعاً فيه جهاز تتبع وعندما وصل للمكان الذي يتواجد فيه عقل تمت محاصرته وبعد اغتيال الشهيد استعادت المخابرات البنطال الذي يحمل الجهاز من حمدية وأعطته بنطالاً آخراً ليرتديه.
عناصر بشرية
وفي قصة اغتيال الشهيد القسامي المهندس يحيى عياش استطاعت المخابرات الإسرائيلية إيصال جهاز جوال "مفخخ" للمهندس واغتالته بالتكنولوجيا ولكن عن طريق احد العملاء أيضاً فالتكنولوجيا كانت تحتاج دائماً لعناصر بشرية وبدون العنصر البشرية كان استخدامها قاصراً إن لم يكن مستحيلاً.
والتقنيات التجسسية استخدمتها المخابرات الإسرائيلية وزودت بها عملائها في لبنان كما في فلسطين وقد كشفت الأجهزة الأمنية اللبنانية بعض العملاء وضبطت بحوزتهم بعض التقنيات التي استخدمت في التجسس والإرسال الفضائي والتصوير وغيرها .
ويبدو أن الأمر يتطلب استفادة من المعلومات التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية اللبنانية والتقنيات التي ضبطتها فالعدو واحد وقد يكرر بعض أساليبه في أكثر من ميدان.
وعلى أية حال فإن الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد حققت نجاحاً كبيراً في الفترة الأيام الأخيرة على صعيد ملاحقة العملاء ولكننا لا نستطيع الجزم بالقول بان المخابرات الإسرائيلية فشلت فما يظهر من الجبل أقل بكثير من الذي تخفيه الأرض في باطنها والمواجهة الأمنية بحسب الخبراء الأمنيين تتطلب عملاً متواصلاً ويقظة دائمة، والهدوء الذي قد يشهده الميدان العسكري لا ينسحب بالتأكيد على الساحة الأمنية التي لا تتوقف فيها المعركة بتاتاً.