الرسالة نت - رائد أبو جراد
بلا ذراعين ولا ساقين .. فتى غزى تغلبت إرادته القوية وصبره واحتماله على حالته النادرة وإعاقته الطبيعية التي ولد عليها قبل أربعة عشر عاماً، ليبدي تفوقاً وتميزاً كبيرين في دراسته وحياته الطبيعية.
"الحمد لله هذا قدر الله لي" بعبارة الصبر والاحتساب تلك تحدث يوسف عبد الله أبو عميرة من سكان مخيم الشاطئ غرب غزة، والذي ابتلاه الله تعالى بأن خلقه من غير أطراف سفلية وعلوية رغم ذلك استطاع التغلب على إعاقته.
صعوبات وإعاقات
صعوبات كثيرة واجهها "يوسف" طيلة الأعوام الماضية لكنها لم تشكل عائقاً في طريق ذهابه للمدرسة، ومن هذه المصاعب التي عايشها عدم قدرته على الكتابة والقراءة منذ اليوم الأول للدراسة، ولكنه استطاع التغلب على هذه العقبة بمساعدة والدته له في مشواره التعليمي، حتى أصبح لديه القدرة على إنهاء واجباته الدراسية كأي طالب متفوق.
ويقول " يوسف" الطالب في الصف التاسع الإعدادي لـ"الرسالة" : كان أبي يساعدني في الذهاب والعودة من المدرسة، وكنا نواجه عوائق أثناء صعود ونزول الدرج بسبب كثرة درجات المنزل التي تتخطي الـ55 مما يسبب لي عناءً كبيراً".
ويضيف: بعد فترة من الزمن تعودت على مشاكلي واستطعت قهرها، فحصدت مع نهاية كل عام دراسي ثمرات التعب والجهد، فقد نلت المرتبة الأولى بين زملائي الطلاب.
أما عن المعاملة التي يلقاها الفتي من الناس فيقول: رغم نظرات الاستغراب التي يبدونها تجاهي إلا أنهم يعاملونني بشكل طيب وحسن (..) وعندما دخلت المسجد وجدت مساعدة من جميع المصلين والمتوافدين على أداء العبادة فيه".
ويذهب "يوسف" للمسجد الكبير (الغربي) القريب من منزله لحضور صلاة وخطبة الجمعة فقط بسبب حالته الصحية، لكنه يحافظ على أداء كافة الصلوات بشكل يومي في البيت من الفجر حتى العشاء، ويعتبر الوقت المقتضب الذي يقضيه خلال تواجده في المسجد "وقت سكينة ووقار تنسيانه هموم الدنيا وأوجاعها".
ويتابع: خلال مدة قصيرة تمكنت بفضل الله إتمام حفظ عشرة أجزاء من القرآن الكريم، مشيراً إلى أن طموحه لم يتوقف عند هذا الحد ليؤكد إصراره على إتمام حفظ القرآن كاملاً صيف العام المقبل من خلال التحاقه بمخيمات تاج الوقار التي تنظمها جمعية دار القرآن الكريم والسنة بمحافظات غزة سنوياً لحفظ كتاب الله في مدة شهرين.
ويشير "يوسف" إلى أنه يستطيع تشغيل التلفاز واستخدام الحاسوب بمفرده حيث يقضي بضعاً من وقته في متابعة بعض البرامج المفيدة التي تبثها عدد من القنوات الفضائية ، مستدركاً : أحياناً أكتفي بمشاهدة الأطفال في الحي يلعبون كرة القدم وأتمنى أن أشاركهم اللعب".
رحلة علاجية
حالة الطفل يوسف دفعت العديد من الشخصيات العربية الداعمة للشعب الفلسطيني مثل الزعيم الليبي معمر القذافي إلى التبرع والمساهمة في علاج الطفل " المعاق"، حيث تمكن الأطباء في مصر وألمانيا من صنع طرفين صناعيين ليوسف تساعدانه في تخفيف بعض آلامه.
يشار أن لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب تبنى علاج الفتى أبو عميرة سواء في جمهورية مصر العربية أو غيرها من بلدان العالم والدول الغربية.
بدوره، وجه والده أستاذ اللغة العربية السابق نداءً عاجلاً لقسم شئون التعليم بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين للنظر لمعاناة ابنه المستمرة ، والعمل على نقل فصله للطابق السفلي حتى يخفف ذلك من الأعباء الملقاة على عاتقه نتيجة إعاقته وحالته الإنسانية الخاصة.
نداءات "يوسف" وجدت استجابةً سريعة وصدراً رحباً لدى الدكتور محمود الحمضيات مسئول التربية والتعليم في الأونروا والذي وعد بدوره بأن يتم قريباً إيجاد حل لمشكلة ابنه.
وكما طالب والده الجهات المختصة في الحكومة بتوفير مصعد كهربائي في منزلهم، ليتمكن ابنه من الصعود عبره وبالتالي تخفيف عناء الصعود.