قائمة الموقع

في ما خفي أعظم.. جنود من يقين

2019-12-03T12:16:00+02:00
في ما خفي أعظم.. جنود من يقين
الرسالة نت  - رشا فرحات



قبل عام من الآن، في الحادي عشر من نوفمبر وفي ليلة أتى فيها الشتاء باكرا، وعلى رؤوس الطرقات بينما الناس نيام، هناك قلوب لا تنام ليلها، بينما يعتقد الكثيرون أن كل من يفعل على الحدود الرملية هو مقاومة عبثية، ولكنها يوم تخرج من غزة تثبت أن هناك يقين يحرك القلوب المرابطة على الثغور، فلا مكان للعبثية الآن، هي معادلة أن تكون أو لا تكون.

وهذا اليقين هو الذي تحرك في قلب الشهيد نور بركة، حينما أثارت سيارة تقل تسعة أشخاص قد تظنهم أنت إذا مروا من جانبك بأنهم مواطنون مثلك، لكن قوانين رجال القسام لا تقبل الظن، ولا تعمل إلا باليقين، يقين حرك ظنون بركة فأمر بالتفتيش والتحقيق والتأكد، فتفجرت أسرار "سيريت مدكال" وخرجت إلى النور حقيقة العظمة الوهمية للجيش الذي لا يقهر.

ثارت إسرائيل لما رأته معروضا على قناة الجزيرة في البرنامج الذي يدل اسمه بمنتهى الدقة عما يفعله القسام دون علمنا، ثم بدأت التصريحات الإسرائيلية المتخبطة تملأ وسائل الاعلام، بدأت بالمراسل العسكري شاي ليفي الذي طالب حكومته بأن تفحص الطريقة التي جعلت حماس تحصل على هذه المعلومات التي ظهرت في الفيديو .

بينما غرد أحد صحافي القناة 13 غاي ليرر عبر تويتر قائلا: "لماذا حرمتنا الرقابة من متابعة برنامج الجزيرة وكل اعدائنا يتابعوه!". بينما فهم مراسل "يديعوت أحرونوت" الرسالة قائلا: "إسرائيل" يجب أن تدرس ما لا يوجد في فيلم ما خفي أعظم وليس ما يوجد به، الذراع العسكري لحمـاس يبدو أنه يمتلك معلومات أخرى لا يريد الكشف عنها بالوقت الحالي.

أجل، صورة القسامي الواقف وجها لوجه وكأنه يواجه جسدا يشبهه لا طائرة!  مثيرة للخوف أكثر من الطائرة نفسها، يهرب الجميع في موقف مشابه، وترتجف الأقدام دون أن تدري خوفا كان أم بردا، بينما يظل الجندي القسامي وحده واقفا كما في الصورة، من مسافة أقدام أمام الطائرة، وجها لوجه، مع عدوه الذي بات يعرفه تماما.

جسد عريض المنكبين، شديد الهمة، قوي القلب ينسى غربة المكان،  يواجه طائرة تحمل سر عدوه الكبير

لقد كانوا تسعة، يجرون أذيال أثوابهم التي تغطي حقيقتهم، ويركضون نحو الطائرة محملين بكل خوف الدنيا، يتلحفون بالشك، الشك في أنفسهم وفي مؤسستهم الإسرائيلية في تلك الطائرة التي يوجهها جندي قسامي وحده، يواجه المنظمة الأكثر سرية،  يسيريت مدكال، مجهولة تقول  إسرائيل  بأنها نخبة، وفجأة بدون مقدمات تهرب النخب!

وبينما نحن ندعو الله بعملية سلام طويلة، وندعي أننا نحب الإنسانية، ونرى النضال الذي طال، بأنه ضرب من الجنون، نضيع أمام الصورة الثابتة، الممتلئة باليقين .

 أصوات الرصاص تخترق ظلام الليلة الحالكة تضج  أصوات القذائف التي تطلقها الطائرة الإسرائيلية تهبط الطائرة فينتشر الرعب في المكان وحده ذلك الجندي المجهول، والذي سيظل مجهولا على الأغلب، هو فقط من يحق له أن يعدل ويقرر ويخبرنا بكل الأسرار، ونحن لا نملك إلا أن نصدق، نحن مجرد فرضيات لا تقدم ولا تؤخر، مجرد عنوان باهت لصفحات مليئة بالكلمات البلهاء، التي لا تقدم للحكاية شيئا، بينما من يحمل قلبه في يديه، يديره كيفما شاء له أن يدير يقف منتصب القامة في مواجهة طائرة بقنابله التي صنعها بيديه هو الأحق منا بكل ذلك.

  من ذا الذي يقف هذه الوقفة؟ّ!! يلف ظهره إلى أحلام الشباب، إلى عائلة أو حبيبة، أجل حبيبة تنتظر على شرفة الليل، مثله يحق له أن يحب أو يحب.

 من هذا المجهول الذي يسمو عن كل ما في الحياة من آمال ويختصرها هنا في هذه الدقيقة من الليل، بينما ينتشر خبر رحيل رئيس كتيبته نور بركة، و روائح الدم تنقلها الريح إلى أنفاسه ، كل مقومات التراجع حاضرة في المشهد، ولكنه لا يرجع!

يظل واقفا رغم ظلم المعركة، راكضا نحو الطائرة التي تحمل السر، يضرب وصوت الصرخات يرن في أذنه.

  ببساطة لن يعود أدراجه لن يقبل أي خيبة، أبيا، عنيدا، مقاومة بسيطة المظهر، كبيرة الجوهر يحركها شيء اسمه اليقين!!!

اخبار ذات صلة