بسيسو: تحتاج المقاومة لنقل مزيد من الخبرات والوسائل القتالية
شرقاوي:العبوات الناسفة أهم وسائل الدفاع التي تحقق خسائر في الدماء
أبو الحسن: أولوياتنا الآن زيادة التسليح والتطوير استعدادا للمستقبل
الرسالة نت - محمد بلّور
قبل عشر سنوات قبض رجال المقاومة على بعض الرصاصات في جيوبهم رغبة في الانتقام لعشرات الشهداء والمصابين النازفين على مفترقات الطرق وقرب المغتصبات.
الهبة الشعبية التي اندلعت مطلع الانتفاضة جوبهت بنيران غزيرة وشهوة صهيونية في القتل دفعت المقاومة للتفكير في استهداف الجنود والمغتصبين الصهاينة.
وفيما كانت درجة العدوان تتصاعد من إطلاق الاحتلال للرصاص وصواريخ المروحيات وقصف المراكز والنقاط الثابتة بدأت المقاومة ترد بالرصاص والكمائن والعبوات الناسفة المحلية، فدخل التصعيد مرحلة جديدة وسقط الشهداء بالجملة فعادت المقاومة للعمليات الاستشهادية ورد الاحتلال بإراقة الدماء واستهداف الكل الفلسطيني .
وسائل المقاومة
لازالت في الذاكرة مشاهد انطلاق انتفاضة الأقصى قبل 10 سنوات بسلسلة من الاحتجاجات والمظاهرات في المسجد الأقصى ومدن الضفة وغزة .
ولجئت المجموعات المقاومة – قليلة العدد والعدة حينها- لابتكار وسائل جديدة للنيل من جنود الاحتلال فشرعت في إطلاق النار ونصب الكمائن للجنود والمستوطنين .
وعلّق المحلل السياسي مؤمن بسيسو على تطور وسائل المقاومة بالقول:" الحدث الأبرز منذ انطلقت الانتفاضة كان إبداعها في وسائل كانت بسيطة لكنها قطعت شوطا طويلا بسبب إرادتها القوية" .
وأشار أن المقاومة بدأت بعمليات محدودة تمثلت في إطلاق الرصاص ثم العبوات الناسفة وابتكار قذائف الهاون وصولاً للقذائف الصاروخية واستهداف الدبابات والمركبات العسكرية الصهيونية بقذائف الدروع.
أما المحلل العسكري يوسف شرقاوي فأكد أن التطور الأبرز خلال الانتفاضة تمثل في قدرة المقاومة على الصمود وفتح النار في الوقت المناسب حتى وصلت لما أسماه توازن إزعاج .
وأوضح أن قوة الردع الإسرائيلية تآكلت حيث لازال كيان صهيوني يجسد نموذج الفكرة الاستعمارية كجسم غريب وغير مشروع في الوسط العربي .
بدوره قال الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية ألوية الناصر صلاح الدين إن فصيله العسكري انطلق مطلع انتفاضة الأقصى لرد العدوان الإسرائيلي المتصاعد فبدأ باستهداف دبابة الميركافا .
وأضاف:" بدأت الفصائل تتسلح بالسلاح الخفيف والمتوسط لمواجهة العدو ثم استخدمت العبوات الناسفة وصواريخ محلية الصنع ثم لجأت للعمليات الاستشهادية على المستوطنات وفي الداخل" .
العمليات الاستشهادية والصواريخ
وتعد العمليات الاستشهادية أبرز أدوات المقاومة خلال انتفاضة الأقصى بل وأكثرها تأثيرا على الإطلاق .
ورأى المحلل السياسي مؤمن بسيسو أن العمليات الاستشهادية ضربت العمق الإسرائيلي وحطمت نظريات الأمن في مقتل .
أما الناطق باسم ألوية الناصر أبو الحسن فأكد أن العدو اندهش من تلك العمليات التي كان يصل فيها المقاومون للعمق الإسرائيلي.
وتراجعت العمليات الاستشهادية في السنوات الأخيرة وسط حالة التنسيق الأمني المستمرة بين أجهزة الأمن في الضفة وجيش الاحتلال .
ومنذ أسابيع عادت بعض أنشطة المقاومة من قبيل عمليات إطلاق النار إلى الضفة ما أثار توقع المحلل بسيسو باسترداد المقاومة لعافيتها مرجحا أن تكون أهدافها القادمة نحو المستوطنين .
الوسيلة الثانية التي شكلت تحولا استراتيجيا هي القذائف الصاروخية والتي مكنت المقاومة من إزعاج الاحتلال عن بعد وتهديد أمنه الاجتماعي .
ورأى المحلل شرقاوي أن الصواريخ حققت تقدما رادعا وتوازن إزعاج مشيرا إلى أهمية تطويرها من ناحية دقة التصويب .
وانطلقت من غزة خلال الحرب الأخيرة قذائف طويلة المدى أصابت أهداف مدنية وأخرى عسكرية فيما يبدى الاحتلال تخوفا من وصولها مستقبلا لقلب المدن والضواحي الإسرائيلية .
وأضاف:" أتمنى أن تطور المقاومة العبوات الناسفة لإيقاع خسائر في الدم حتى لا تكون اجتياحات العدو نزهة فالعبوات أسلوب مهم في الدفاع وقد أثبتت جدارتها مرتين على محور عسكري قرب رفح ومنطقة التفاح بغزة" .
وشدد الناطق باسم لجان المقاومة أبو الحسن على أهمية تدمير دبابة "الميركافا" مطلع الانتفاضة بواسطة عبوات ناسفة محلية، مضيفاً:" لكل مرحلة ملامحها الخاصة فقد طورت المقاومة قذائفها ثم عبواتها الناسفة لتدمير أسطورة الجيش الذي لا يقهر" .
وقال إن المقاومة اهتمت بعد ذلك بتطوير القذائف المضادة للدروع واستخدام قذائف "آر بي جيه" لمواجهة التوغلات فيما بدأت وحدات التصنيع تجهيز عبوات ناسفة ثقيلة نجحت عدة مرات في تفجير بعض الآليات، مشيراً إلى امتلاك المقاومة عتاد يجهله العدو وأسلحة متطورة تضرب عمق الاحتلال ويحقق ردعا حقيقيا.
شاليط والأنفاق
سمة مهمة تطورت في يد المقاومة كانت استخدام إستراتيجية الأنفاق في استهداف الاحتلال ومفاجأته من حيث لا يدري .
ورأى المحلل السياسي بسيسو أن استخدام الأنفاق عكس تكتيك وقدرة على التكيف مع الظروف لمواصلة استهداف الاحتلال .
أما الباحث في الشئون العسكرية شرقاوي فأكد أن الأنفاق استخدمت من قديم في حرب العصابات بهدف تزويد المقاومة بما تحتاج وتوفير حرية الحركة والتنقل والإمداد، وتمنى أن تتكرر عملية خطف الجنود مشددا أنها الوسيلة الوحيدة لتحرير الأسرى .
وكانت عملية اختطاف شاليط الضربة القاصمة التي سخّرت الأنفاق لتنفيذ عملية هي الأبرز في تاريخ المقاومة الفلسطينية .
حول خطف شاليط أضاف المحلل بسيسو: "ضربت العملية نظرية الأمن وشكلت إرباك وتبعها فشل استخباري وسياسي لتحريره والوصول لمعلومة عنه ما يعكس قوة حماس الاستخبارية".
عقبات ومستقبل
ووصلت المقاومة لمرحلة من تطوير الأسلحة منحتها القدرة على الصمود لكنها لازالت بحاجة لتخطي كثير من العقبات خاصة سلاح الدروع الممثل في الدبابات وطائرات الاستطلاع .
وشكلت الحرب على غزة نقطة تحول فرغم تفوق الاحتلال بوسائله القتالية والتدميرية إلا أن هدف الحرب المعلن وهو "وقف الصواريخ" فشل وفشلت معه أهداف غير معلنة من قبيل "استعادة شاليط وتدمير بنية حماس والمقاومة" .
وأكد المحلل بسيسو أن الحصار الجغرافي حال دون نقل وتطوير كثير من الوسائل العسكرية والخبرات والتجارب العسكرية خاصة في ظل التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة والاحتلال، موضحاً أن قدرات المقاومة تتراكم وأن إرادتها القوية هي أساس الصمود والنجاح في مواجهة ترسانة إسرائيل العسكرية .
أما المحلل شرقاوي فأكد أن طائرة الاستطلاع تعد مشكلة صعبة أمام المقاومة وأنها ورقة تستخدم الآن بقوة في أفغانستان وباكستان لضرب المقاومة حيث ترتبط عادة طائرة استطلاع بغرفة عمليات أرضية ويصعب على دول مواجهة تقنيتها .
وأضاف:"لم نصل لمرحلة متقدمة من قوة المواجهة ولكن مطلوب توفير أسلحة لمواجهة إمكانات العدو كما كانت روسيا والصين تصنع قديما أسلحة خاصة في حرب فيتنام ليستخدمها المقاتلون في مواجهة أمريكا" .
أما الناطق باسم المقاومة الشعبية أبو الحسن فأكد أن أولويات المقاومة حاليا الاستمرار في نهجها وتجهيز نفسها استعدادا لأي تصعيد قادم، مستطرداً :" نركز على زيادة التدريب والمهارات والتسليح والمستلزمات القتالية للتصدي ومواجهة العدو في أي عملية مقبلة ونحاول استدراك نقاط الضعف ومواجهة الآليات وطائرات الاستطلاع" .
وأشار أن قيادة المقاومة بعث مؤخرا برسائل مريحة تطمئن المقاومين أن التطوير العسكري يتم بشكل جيد وأن هناك مفاجآت وأسرار ستكشف الأيام القادمة عنها .
واليوم بعد 10 سنوات على اندلاع انتفاضة الأقصى وانسحاب الاحتلال من غزة تتجه الأنظار إلى الضفة المحتلة كمنطقة مرشحة للتصعيد خاصة لما تتمتع فيه من نقاط احتكاك مباشر مع الجيش والمستوطنين، وأياًما كانت درجة التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة وجيش الاحتلال فإن هناك محاولات سرية وأخرى خرجت للعلن مستمرة لضرب أهداف عبر نظام الخلايا السرية .
وفي حال أطلق المقاومون في الضفة قذيفة صاروخية أيا كان مداها فإن معادلة عسكرية هامة ستطرح على الطاولة وهو ما تخشاه (إسرائيل) وتسعى المقاومة للوصول إليه وعندها سيكون عمق الاحتلال في مرمي الرمي عن بعد .