قائمة الموقع

استيراد الغاز الذي تنهبه (إسرائيل) : مخاطر استراتيجية

2019-12-22T11:13:00+02:00
استيراد الغاز الذي تنهبه (إسرائيل(: مخاطر استراتيجية
د. صالح النعامي  

يدلل قرب شروع الأردن في تطبيق اتفاقية شراء الغاز العربي الذي تنهبه (إسرائيل( على أن الحديث عن توتر في العلاقة بين (تل أبيب) وعمان مبالغ فيه.

فمن المفارقة، أن دولتين عربيتين هما اللتان وافقتا حتى الآن على شراء الغاز الذي تنهبه (إسرائيل)، وهما الأردن ومصر، حيث أن هاتين الدولتين حلتا معضلة عجز الصهاينة عن معالجتها وتتمثل في عدم القدرة على تسويق الغاز المنهوب.

فحتى الآن وقفت (تل أبيب) عاجزة عن تصريف هذا الغاز، على اعتبار أن نقل الغاز إلى أوروبا لا يتسنى إلا في حالتين، وهما نقله إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا، أو نقله في أنبوب عبر المياه الاقتصادية لقبرص.

ومن الواضح أنه في ظل توتر العلاقات بين (تل أبيب) وأنقرة فإن الخيار الأول ليس منطقيا، في حين أن فرص تنفيذ الخيار الثاني متدنية جدا، تحديدا في أعقاب توقيع الاتفاق الليبي التركي، على اعتبار أن أنقرة تصر على أن المياه التي سيمر فيها هذا الأنبوب تتبع مياهها الاقتصادية.

وإلى جانب العوائد الاقتصادية الهائلة المباشرة التي تحظى بها (إسرائيل( بعد تطبيق اتفاقية بيع الغاز المنهوب، والمتمثلة في 25 مليار دولار ستدخل الخزانة الصهيونية، فإن هناك أضرارا استراتيجية ستلحق بالأردن تحديدا جراء تطبيقها.

فاعتماد الأردن على الغاز الذي تنهبه (إسرائيل) يعزز المكانة الجيوإستراتيجية للكيان الصهيوني ويقلص من قدرة القيادة السياسية في عمان على المناورة في كل مجال مرتبط بالعلاقة مع الكيان الصهيوني، على اعتبار أن (إسرائيل) بإمكانها التهديد في كل لحظة بوقف تصدير الغاز.

ويكتسب تطبيق اتفاقية شراء الغاز خطورة مضاعفة في ظل إعلان رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو المتكرر أنه بصدد تمرير قرار بضم منطقة "غور الأردن"، التي تشكل حوالي 30% من الضفة الغربية والتجمعات الاستيطانية (لـ(إسرائيل)، إلى جانب تعهد ممثلي الأحزاب الدينية اليهودية عشية الانتخابات التي ستجرى مطلع مارس القادم أنها مصممة على إحداث تحول على طابع المكانة القانونية والدينية في المسجد الأقصى، وهو ما يفهم على أنه تمهيد لفرض التقاسم الزماني والمكاني في الحرم الشريف، تماما كما حدث في المسجد الإبراهيمي في الخليل.

إن الشروع في تطبيق اتفاقية شراء الغاز المنهوب من الكيان الصهيوني يكتسب خطورة مضاعفة في ظل حقيقة أن بعض الأحزاب (الإسرائيلية) التي ستشارك في الانتخابات والتي يرجح أن تحظى بتمثيل في الحكومة القادمة، تجاهر بدعوتها لتطبيق فكرة "الوطن البديل" من خلال الإعلان عن الدولة الفلسطينية في الأردن، مثل حزبي "البيت اليهودي"، الذي يقوده وزير التعليم الحاخام رافي بيريتس وحزب "يمينا" الذي يقوده وزير الحرب نفتالي بنات.

ومن الواضح أن إقدام (إسرائيل) على ضم "غور الأردن" والمستوطنات وتكثيف سياساتها القمعية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية يمثل مسارا يمكن أن يقود في النهاية إلى إجبار الكثير من الفلسطينيين على مغادرة الضفة للأردن، كما يحلم قادة الأحزاب الدينية اليهودية المتطرفة، ليتسنى لهم الانفراد بالأرض.

من هنا، ليس من الحكمة أن تكبل القيادة الأردنية نفسها بقيود تقلص من هامش المناورة المتاح أمامها، سيما في وقت يوشك التطرف الصهيوني على الدخول إلى مرحلة جنون متقدمة.

اخبار ذات صلة