لم يعد ينتظر المقدسيون المهدمة بيوتهم من سلطة رام الله أي دعم مادي أو سياسي بعدما باتوا شهود عيان على سلوكيات تقترفها في القدس لصالح التنسيق الأمني أو لاعتبارات تنظيمية.
ويؤكد المقدسيون أن السلطة لا تقدم لهم سوى بعض الجمل والعبارات في المناسبات، دون أي رصيد أو قيمة لها على الأرض.
وبات مألوفًا خبر هدم بيت مقدسي أو تهديد عمارة سكنية بأكملها من بلدية الاحتلال في القدس تحت حجج واهية، فمؤخرًا هدم الاحتلال بيت "صالحية" ليكتشف أصحابه أن القرار سياسي ولا علاقة له بمخالفة القانون، مما دفعهم لرفع قضية إلى محكمة الجنايات الدولية.
القضية التي رفعتها العائلة تمت عبر جمعية في لندن، بعيدًا عن السلطة الفلسطينية، مما يثير التساؤل حول أسباب عدم ثقة المقدسيين في سلطة رام الله.
يقول فخري أبو دياب المختص في شؤون القدس: "إن المقدسيين في واد وسلطة رام الله في واد، حيث تحصل الأخيرة على الأموال من الدول العربية والإسلامية المانحة من أجل تقديم الدعم لأصحاب المنازل المهدمة في القدس أو المهددين بالتهجير لكن ذلك لا يحدث، مشيرًا إلى وجود سياسة تنتهجها السلطة وهي تعمد عدم مؤازرة المقدسيين بسبب اتفاقية أوسلو."
ويرى أبو دياب أن سلطة رام الله يمكنها التعامل مع المقدسيين بطرق التفافية بعيدًا عن تلك الاتفاقيات التي أبرمتها مع الاحتلال فيما يتعلق بالقدس، مؤكدًا في الوقت ذاته على وجود جفاء بين المقدسيين والسلطة كون الأخيرة تدعم مصالحها فقط في المدينة.
ويوضح "للرسالة" أن المقدسيين بحاجة إلى إسناد مادي حقيقي لاسترداد بيوتهم أو بنائها من جديد، لافتًا إلى وجود فراغ سياسي كبير يعاني منه سكان البلدة.
ويرجع أبو دياب عدم لجوء المقدسيين للسلطة لحل مشاكلهم مع الاحتلال إلى عدم ثقتهم بها، كما فعلت عائلة "صالحية" حين لجأت لمؤسسة من أجل الترافع في محكمة الجنايات الدولية ضد الاحتلال، موضحًا أن عوائل القدس لديهم تجربة مع السلطة وأدركوا أنها لن تفيدهم بشيء لذا يلجئون لخيارات أخرى لنيل حقوقهم.
وفي السياق ذاته، تحدث ناصر هدمي رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، أن سلطة رام الله اختارت ألا يكون لها دور في القدس، رغم التصريحات الإعلامية التي تخرج بها لكنها غير واقعية.
وذكر "للرسالة" أن هناك اتفاقيات تمنع السلطة من التدخل المباشر في شؤون المقدسيين بسبب اتفاقية أوسلو، لكن كان من الأجدر أن تجد طرقًا التفافية لمساندة أبنائها المقدسيين.
وأوضح أن لدى السلطة صندوق القدس المدعوم من الدول العربية والإسلامية من أجل المقدسيين، ويحق وفقه للمقدسي المهدوم بيته الحصول على 30 ألف دولار، لكن غالبيتهم لا يحصلون على شيء، وقليل منهم قد تمنحه 3 آلاف دولار فقط.
وبحسب هدمي فإن السلطة تتذرع بأن صندوق القدس فارغ، ولكن حقيقة الأمر أن أمواله تنهب لمصالحها الخاصة، مؤكدًا أن العالم العربي والإسلامي على استعداد كامل لدعم القدس من أجل نصرتها لكن السلطة تغتني مما يأتي للقدس.
وأوضح هدمي أن السلطة تسرق من صندوق القدس وتحول تلك الأموال لمصاريف إقليم فتح في المدينة حيث يصرف عليه بأموال هائلة، عدا عن شرائها للذمم وتوظيف رجال أمن في القدس لنقل أخبار الشرفاء هناك من أجل التنسيق الأمني.