تزداد أعباء الحياة يوماً بعد يوم، وتُلقي بظلالها على كاهل رب الأسرة كلما كبر أولاده وكثروا، ومعهم تكثر المطالب والاحتياجات كماً ونوعاً، فما كان بالأمس يقنعهم ويكفيهم ،لم يعد اليوم كذلك، خاصة اننا نعيش في عالمٍ تنمو فيه الظواهر بسرعة لدرجة أصبحت من أهل البيت فقاسمتهم كل شيء حتى لقمة العيش.
ومن هذه الظواهر ( الدروس الخصوصية) التي انتشرت في جميع المراحل الدراسية ، فيا ترى ما مدى حاجة الطلبة لها ؟ وإلى أي مدى أنقذت روادها من الفشل الدراسي؟ وهل خرجت من دائرة الضرورة لدائرة الوجاهة والبريستيج؟ وبماذا يختلف تعامل المدرس مع الطلبة في حضرتها عن المدرسة؟ ومن المسئول عن انتشارها وكيف نتعامل معها ؟
لا شك أن بعض المساقات تحتاج لشرحٍ كافٍ ووقتٍ اضافيٍ بحكم انها صعبة نوعاً ما، وأن المعلم قد لا يتمكن من ايصال المعلومة بطريقة مفيدة نظراً لازدياد عدد الطلبة في الفصل الدراسي أو لضعفٍ فيه، أو صعوبة في المنهج، فيلجأ الطالب للدرس الخصوصي سواء عند ذات المعلم أو عند غيره، ثم أنه لا يمكن انكار نجاحها في تحقيق نتائج ايجابية للطالب في تقييمه المدرسي النهائي .
ربما لو رجعنا في الزمن لعقدين سنجد أن الدرس الخصوصي كان مقتصر على مساقات بالغة الصعوبة خاصة المساقات العلمية وفي المراحل الثانوية غالباً، بينما الآن توسعت المساقات حتى أن طلبة المرحلة الابتدائية صاروا من روادها، ثم إن الطالب كان يخجل من فكرة الدرس الخصوصي ، وكأنه عيب أو سراً أمنياً فيكتمهما خشية من معايرة أصحابه واتهامه بأنه قليل الفهم والتركيز، لكنها أصبحت مدعاة للفخر والبريستيج ، فيتحدث بكل أريحية، وما أن يعود من المدرسة للبيت حتى يغادره للدرس الخصوصي، فيقضي وقتاً قد يمتد لساعتين فيعود للبيت منهكا متعباً .
إن المعيب في الأمر تعامل المعلم بطريقتين متناقضتين مع ذات الطالب ففي المدرسة عبوس ومتكاسل ، وفي الدرس الخصوصي مجتهد وضحوك، رغم أن الأصل استنفاذ المعلم جهده في ايصال المعلومة للطالب في المدرسة.
من المسئول عن نمو هذه الظاهرة؟
أولا: الأسرة ،لأنها :
_لم تهتم بتعليم الأولاد من المراحل الابتدائية ، ومتابعتهم بشكلٍ مستمرٍ والوقوف عند اخفاقاتهم ومعالجتها أولا بأول.
ثانيا: المعلم، لأنه :
لم يبذل الجهد المناسب لإيصال الرسالة للطلبة ،هذا لا ينفي وجود كادر تعليمي مميز، وطلبة يصرون على البقاء في ذيل القافلة.
لذا على الجهات المعنية بالأمر وخاصة وزارة التربية والتعليم النظر لهذه الظاهرة بعين الجدية حتى لا تصبح هي القاعدة، من خلال:
١_ ألا تعتمد على الكم في التعليم، فترهق الطالب بما لا يستطيع فهمه وفق الزمن المتاح.
٢_ ردع للظاهرة من خلال معاقبة المدرس الذي يمارسها خاصة إن كان متكاسل في المدرسة ومجتهد خارجها.
٣_ استحداث أساليب تعليمية تسهل الفهم والاستيعاب وتحقق نتائج أفضل.
٤_ توفير مقومات داعمة للمعلم مثل راتب مناسب، وعدد حصص مناسبة ،وترقيات مناسبة.