أعادت الإدارة الأمريكية الحديث عن (صفقة القرن) مجددا، بعد غياب الملف عن أروقة السياسة والإعلام عدة أشهر في أعقاب الانتكاسة التي أصيبت بها الحلبة السياسية الإسرائيلية، بعد فشل تشكيل حكومة جديدة وإعادة الانتخابات للمرة الثالثة على التوالي.
وكان من المقرر أن تكشف الإدارة الأميركية عن الخطة في العام الماضي، ولكنها أرجأتها مرتين بسبب الانتخابات الإسرائيلية في نيسان/ أبريل وأيلول/ سبتمبر الماضيين، ويبدو أن عدم تمكن نتنياهو من تشكيل حكومة جديدة وحسم الانتخابات لصالحه، قد دفع البيت الأبيض لإرجاء نشر الخطة.
وقد تتجه الإدارة الأميركية لنشر الخطة، قبل الانتخابات الإسرائيلية برغم الجمود السياسي في إسرائيل بما يهدد إمكانية نجاحها، أو أن تختار الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية في مارس والتي قد تنتهي أيضا إلى طريق مسدود، فضلا عن أنه سيكون من المتأخر جدا نشر الخطة في تاريخ قريب من الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وبحسب المسؤولين الإسرائيليين، فإن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تدرس إمكانية الإعلان عن الخطة الأميركية المعدة لتصفية القضية الفلسطينية قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في آذار/ مارس المقبل، حسبما أورد المحلل السياسي في القناة 13 الإسرائيلية، باراك رافيد، فيما أشاروا إلى أن الإدارة الأميركية لم تتخذ قرارها النهائي بهذا الشأن.
وشددوا على أن المسؤولين في البيت الأبيض يناقشون هذه المسألة بجدية، واعتبروا أن وصول مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، آبي بيركوفيتش، إلى إسرائيل هذا الأسبوع، دليلًا على جدية المسعى الأميركي، والذي اجتمع مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ورئيس قائمة (كاحول لافان)، بيني غانتس، وبحث معهما الخطة الأميركية.
وأشارت القناة إلى أن (بيركوفيتش اجتمع كذلك في السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، وانشغل بوضع اللمسات النهائية على نص الخطة الأميركية)، وهذه هي المرة الأولى، التي يصل فيها بيركوفيتش إلى إسرائيل، بمنصبه الجديد، خلفا للمبعوث السابق جيسون غرينبلات، الذي استقال من منصبه في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.
وفي التعقيب على ذلك، يقول الباحث في الشؤون (الإسرائيلية) أحمد رفيق عوض إن لقرار نشر الخطة من عدمه التأثير المباشر على الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها، فنشرها قبل الانتخابات يعني دعما مباشر لنتنياهو في الانتخابات وتلبيةً لطلبه المتكرر للإدارة الأمريكية، وهذا بالتأكيد سينعكس على اتجاهات الناخبين.
وأوضح عوض في اتصال هاتفي مع (الرسالة) أن التخوفات لدى (كاحول لافان) الحزب المقابل لنتنياهو
تتعلق باتجاه الإدارة الأميركية إلى إضافة نقاط جديدة في (صفقة القرن) تخدم نتنياهو سياسيًا، كضم غور الأردن وشمال البحر الميت إلى السيادة الإسرائيلية، وهي جزء من الدعاية الانتخابية لنتنياهو.
وبيّن أن ثمة متغيرات قد تدفع الإدارة الأمريكية إلى تأجيل الإعلان عن الخطة، تتمثل في الوضع السياسي الساخن في الإقليم، بالإضافة إلى تأزم الوضع السياسي في إسرائيل، بالإضافة إلى التعنت الفلسطيني في التعاطي مع الصفقة، عدا عن الوضع السياسي الداخلي في أمريكا.
العين على الضفة
من جهته، قال السفير الأمريكي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، الأربعاء، إن المرحلة التالية بالنسبة للإدارة الأمريكية، بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبسيادتها على مرتفعات الجولان السورية، هي الضفة الغربية.
وقال فريدمان، في مؤتمر صحفي، عقده برفقة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بالقدس (منذ قدومي إلى هنا حاولت إضافة بند إلى الأجندة المزدحمة جدا، وهو العمل مع الإدارة الأمريكية ومع نتنياهو للمساعدة في تصحيح القضايا العالقة بعد حرب الأيام الستة).
وأضاف فريدمان (أنه فيما يتعلق بالقدس، فإن الرئيس الأمريكي اعترف بها عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، أما بالنسبة لمرتفعات الجولان، فقد اعترف الرئيس الأمريكي بسيادة إسرائيل عليها، مشيرا إلى أن الضفة هي الأصعب والأكثر تعقيدا من بين القضايا، بسبب التجمع السكاني الفلسطيني الكبير فيها).
ويرى الدكتور عوض أن الاهتمام الإسرائيلي بالضفة الغربية يبدو واضحا في الأونة الأخيرة من القرارات الاستيطانية المتتالية التي تصدرها حكومة نتنياهو، بالإضافة إلى تشديد الإجراءات الأمنية وبسط السيطرة على مناطق واسعة من التي تتبع للسلطة الفلسطينية.
وبيّن أن السيطرة الإسرائيلية على الضفة من خلال توسيع الاستيطان، وفرض السيادة على الغور والبحر الميت تمثل قمة الإنجاز السياسي الإسرائيلي في العقد الأخير، في ظل تعثر المفاوضات مع الفلسطينيين، والانشغال العربي والإسلامي.